حلبمقالات

روزانا بو منصف – أي معادلة بعد سيطرة النظام على حلب؟

شكل الموقف الذي اعلنه المنسق الدولي لسوريا ستافان دو ميستورا بقوله ان معركة حلب لن تطول كثيرا وانه يشعر بأن هذه المعركة ستنتهي بنهاية هذا العام مؤشرا على المعلومات التي يمتلكها كما كل العواصم المعنية بأن روسيا تؤمن الغطاء لاعادة سيطرة النظام بدعم من حلفائه الايرانيين وسواهم من الميليشيات على حلب وان اي خطط او اتصالات لن تنجح بمنع ذلك على رغم الكلام عن جهود متجددة لوزير الخارجية الاميركي جون كيري لا تبدو مجدية ما دامت روسيا تستغل الوقت الضائع الاميركي لتسجيل امر واقع جديد في سوريا فيما يؤكد تصريح مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديركا موغيريني بأن سقوط حلب لن يعني نهاية الحرب في سوريا بأن الغرب استسلم لهذا الواقع من دون مقاومة تذكر.

يعتقد مراقبون ديبلوماسيون كثر ان استعادة نظام الاسد السيطرة على حلب توفر له السيطرة على المدن الرئيسية وتمنحه سوريا المفيدة مع حليفتيه ايران وروسيا ما قد يعطيه قوة لاستمكال محاولة السيطرة على مناطق حيوية اخرى لفرض شروطه على المعارضة في الوقت الذي يعني سقوط المدينة التي كانت ولا تزال رمز المعارضة ومركزها الاساسي هزيمة كبيرة لها. واللافت ان التعامل مع سقوط حلب من الخارج انما يركز على معنى ذلك في ميزان الحرب الاهلية السورية بين النظام ومعارضيه فيما يغفل امر اساسي يتصل بواقع ان هزيمة المعارضة التي تركت لمصيرها انما يعني ايضا هزيمة محور اقليمي داعم للمعارضة او انه معارض لبقاء بشار الاسد في الحكم ايا تكن التحولات التي حصلت في المواقف السياسية. فمحاولة تركيا مثلا موازنة ما يحصل في حلب بالاصرار على ان الاسد ليس مؤهلا لان يحكم سوريا لا يعني اضطرار تركيا الى المساومة على هزيمة المعارضة لقاء التسليم ببقاء الاسد او تحملها نسبة لا بأس بها من المسؤولية عن هزيمة المعارضة.

وكذلك بالنسبة الى الدول الاقليمية او الدول الغربية اذ انه في الوقت الذي يتم التسليم في الغرب بامتلاك روسيا الاوراق السورية والقدرة على التحكم بها يهمل المسؤولون الغربيون الاقرار علنا بان مساعدة بشار الاسد في استعادة السيطرة على حلب لا تعني فقط مكسبا له او لروسيا بل هو ايضا لمحور اقليمي ايراني منخرط عسكريا في الميدان على نحو يكرس هيمنة ايرانية من المرجح ان تجعل سوريا نموذجا مكررا عن العراق اي دولة فاشلة ايا تكن مكاسب النظام او الانتصارات التي يحققها في غياب عربي ملموس مع خسارة للمحور العربي ازاء المحور الايراني في سوريا، ولو ان روسيا في الواجهة اكثر من ايران ازاء التعاطي الدولي مع ما يحصل في سوريا، ولو ان سوريا لم تعد سوريا السابقة وهي لن تعود باعتماد الاسد على الدعم الخارجي لبقائه في السلطة مع جحافل الجيوش التي تتألف في سوريا وتنخر نظامها كما فعلت سوريا ابان وصايتها على لبنان من خلال اشرافها على انهاء لبنان كما كان وقولبته وفقا لمصالحها واهدافها وموقعها.

الام يمكن ان يؤدي فرض امر واقع جديد في سوريا من جانب روسيا. وهل هزيمة المعارضة في حلب تعني خروجها او اخراجها من الصورة نهائيا لمصلحة منطق النظام وحده بأن لا معارضة ضده بل ارهابيين؟.

واستكمالا او استتباعا هل اعادة النظام السيطرة على حلب تمنح النظام نقاط قوة تمهد لعودة التواصل الخارجي معه مع تغيرات اساسية في الرئاسات او الادارات الغربية التي تصل الى السلطة في انتخابات رئاسية على اساس خطاب نقيض للادارات السابقة في السياستين الداخلية والخارجية على حد سواء كما حصل في الولايات المتحدة ومن المحتمل ان يحصل في فرنسا ؟.

فبريطانيا مثلا مع سلطة حديثة تسعى الى ان ترسم على نحو مبكر وقبل ان يتسلم الرئيس الاميركي المنتخب مهماته حدود موقفها على قاعدة رفض ما تقوم به روسيا في قصف حلب ومسؤوليتها عما يجري ولا تعتبر الاسد مؤهلا لان يبقى في الحكم. لكنه سؤال اساسي تتوقف عليه معالم المرحلة المقبلة انطلاقا من قول الرئيس الاميركي المنتخب انه سيتعاون مع الاسد من اجل دحر تنظيم الدولة على رغم ترجيح مراقبين كثر ان المسألة باعادة النظام السيطرة على حلب قد تنحو في اتجاه تعزيز النظام اوراقه التفاوضية ازاء معارضيه ليس اكثر في حين ان لا ايران ولا روسيا يمكنهما ان تعملا بالمبدأ الذي تلاحق به الولايات المتحدة في العراق اي انه تقع عليهما مسؤولية اصلاح سوريا ما دامتا مسؤولتين عن كسرها وفقا لمقولة وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول ابان تحذيره الرئيس جورج دبليو بوش من الذهاب الى احتلال العراق واطاحة صدام حسين انه في حال كسرت العراق يتعين عليك ان تصلحه.

فلا روسيا ولا ايران يمكنهما اعادة اعمار ما دمرته حربيهما مع النظام في سوريا ولا بقاء الاسد في السلطة يمكن ان يساعد على ذلك ايضا خصوصا متى كان بقاؤه عنوانا لاستمرار الانتفاضة ضده بأساليب ووسائل مختلفة وعنوانا لعدم انتهاء الحرب بالملايين من لاجئيها ومئات الالوف من قتلاها ومهجريها ضمن سوريا بالذات والتي يتحمل الرئيس السوري المسؤولية المباشرة عنها جميعا باقرار الامم المتحدة ومجلس الامن بحيث لا يمكن رؤساء الدول ايا تكن السياسة الجديدة التي سيعتمدونها تحمل محو السجل الحافل للنظام الذي اتهم بمسؤوليته عن جرائم حرب ارتكبها في بلاده.

المصدر : النهار 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى