تتفاقم في العاصمة السورية دمشق، أزمة انقطاع المياه المستمرة منذ أكثر من أسبوعين، ما يهدد حياة أكثر من 5 ملايين نسمة يقطنون فيها.
وبدأت الأزمة بعد أن دمرت طائرات النظام ومدفعيته، عدة ينابيع مياه عذبة أبرزها وأغزرها “نبع عين الفيجة”، في منطقة وادي بردى غرب دمشق، والذي يؤمن لسكان العاصمة احتياجاتهم المائية ويلقبه البعض بـ”نبع الحياة”.
وتسبّب قصف المنطقة بالبراميل المتفجرة، بتدمير كامل لمنشآت استخراج ونقل وتعقيم المياه من نبع عين الفيجة الذي تعيد مراجع تاريخية عهده إلى الرومان، فضلا عن التسبب بغور جزء كبير من مياه الينابيع في المنطقة، والتي كانت تضخ ما يقارب 400 ألف متر مكعب من المياه يومياً.
مصادر محلية في دمشق، قالت لوكالة الأناضول، إن “سكان العاصمة باتوا منذ أسبوعين عاجزين عن تلبية احتياجاتهم من مياه الشرب، وسط ارتفاع غير مسبوق بأسعار المياه حيث سُجل بيع سعر برميل المياه (200 لتر) بين 5 آلاف و10 آلاف ليرة سورية (10 – 20 دولار أمريكي).
ولفتت المصادر إلى “ارتفاع سعر قارورة المياه الصالحة للشرب (سعة ليتر ونصف الليتر)، إذ وصل إلى 250 ليرة (نصف دولار)، وهذه تعتبر أسعاراً باهظة، مقارنة مع الرواتب التي يمنحها النظام لموظفيه والتي تقارب (75 دولار) شهرياً بمعدل وسطي”.
وأضافت أن “الكثير من العائلات وخاصة غير القادرة على شراء المياه، يضطر أفرادها لقطع مسافات طويلة بحثاً عن أماكن تتواجد فيها المياه من مصادر بديلة كالآبار، وينقلون بالأواني المتوفرة لديهم ما يستطيعون حمله”.
من جانبه، أكد المحامي فؤاد أبو حطب، المفوض عن الهيئات المدنية لوادي بردى في الخارج(تابع للمعارضة)، أن استهداف الينابيع من قبل النظام “تم منذ اليوم الأول للحملة المستمرة على المنطقة منذ 22 يوماً”.
وقال أبو حطب إن “كل شيء موثق بالصوت والصور، ولكن ضعف الاتصالات يحول دون إيصالها للعالم”.
وأضاف أنه “منذ أسبوع كان هناك محاولة لوصول وفد روسي، مكون من 4 ضباط بينهم جنرال، إلى منطقة وادي بردى، ولكن حاجزا لعناصر حزب الله الإرهابي الذي يشارك قوات النظام الهجوم رفض السماح لهم بالدخول”.
وتابع أن الأمر “دفع الجانب الروسي للجوء إلى القصر الجمهوري (مقر رئاسة النظام) من أجل تأمين الاجتماع بين الوفد وممثلين عن الأهالي”.
وأوضح أبو حطب أن “الوفد طالب الأهالي برفع علم النظام وإتمام عملية مصالحة مشابهة لما حدث في مناطق ريف دمشق، أي تهجير المعارضين والمسلحين”.
وأكد أن “ممثلي المنطقة رفضوا المقترح، الأمر الذي أغضب الضابط الروسي فهدد بتحول وادي بردى إلى بادية”.
ولفت أبو حطب إلى أن “الحملة، بعد اجتماع الأهالي مع الروس، شهدت تصعيداً كبيراً وكثافة غير مسبوقة، بقيادة ضباط إيرانيين ومشاركة الحرس الجمهوري ووحدات خاصة والفرقة الرابعة وهي قوات نخبة تابعة للنظام، إضافة لحزب الله اللبناني”.
وأكد أن “ادعاءات النظام بأن المعارضة هي من قامت بتفجير منشات استخراج المياه وتعقيمها في الينابيع كاذبة”.
وتابع أن “المعارضة حافظت على تلك المنشآت على مدار السنوات الأربعة الماضية وهي تحت سيطرتها وأمّنت تدفق المياه بشكل منتظم إلى العاصمة دمشق”.
وختم بالإشارة إلى أن “سكان المنطقة يرفضون تهجيرهم من أرضهم مهما اشتد الهجوم عليهم (…) وذلك فإننا نطالب بدخول لجنة تحقيق مستقلة، إلى وادي بردى، للتحقق من استهداف المنشآت المائية، إلى جانب دخول ورشات الإصلاح والمساعدات الإنسانية”.
ووصفت الأمم المتحدة، في 5 يناير/كانون الثاني الجاري، حرمان دمشق من المياه (دون أن تسمي المتسبب) بأنه “جريمة حرب”، فيما حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، في 7 من الشهر نفسه من انتشار الأمراض (لم تذكرها) بين الأطفال بسبب المياه الملوثة.
وكثفت قوات النظام وحزب الله، التي تحاصر وادي بردى منذ يوليو/تموز الماضي، هجماتها على المنطقة عقب سيطرة النظام بشكل كامل على مركز مدينة حلب مؤخرا.
وتعد منطقة وادي بردى أكثر منطقة تشهد خروقاً لوقف إطلاق النار، الذي تم الاتفاق عليه في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي بضمانة من قبل تركيا وروسيا.
وتقع وادي بردى بريف دمشق الغربي، وتتكون من 13 قرية، تسيطر المعارضة على 9 منها، في حين يُسيطر النظام والمجموعات الإرهابية الداعمة له على 4 قرى.
وطن إف إم/ اسطنبول