أخبار سوريةحلب

بعد عودتها لحكم الأسد .. انفلات أمني غير مسبوق في حلب

تعود حلب إلى حكم الأسد بعد أربعة أعوام من سيطرة الثوار على نصف مساحة المدينة، ويعود معها حكم قانون الغاب الذي كان يسيطر عليها منذ أربعة عقود، ولكن هذه المرة بصورة فاضحة أكثر مما كان عليه الحال الذي ثار عليه السوريين.

طعن أربعة لاعبين من نادي الاتحاد الحلبي لكرة القدم،اغتصاب فتاة لايتجاوز عمرها “17”عاماً، اختطاف أخرى في حي الأكرمية، وقتل طفل حاول الاستنجاد بأحد عناصر الشبيحة في حي الموكامبو.

خطف وقتل رؤوس الأموال

ولم تتوقف انتهاكات المليشيات الموالية للأسد عند حد القتل والاغتصاب، فقد كشف مدنييون عن الكثير من الانتهاكات التي طالما حاول نظام الأسد اخفاءها عن طريق اشاحة أنظار المدنيين إلى المعارك الدائرة في مدينة حلب.

ويعتبر الابتزاز والاختطاف والمشاركة في مختلف المشاريع التجارية والأتاوة وسرقة القوي للضعيف، من أبرز الأعمال المنتشرة داخل المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد في الأحياء الغربية لمدينة حلب، وبعد سيطرته على كامل المدينة بالإضافة إلى المدينة الصناعية “الشيخ نجار”، تحولت تلك الأعمال إلى واقع أجبر التجار وأصحاب رؤوس الأموال على التعايش معه.

حيث كشف الناشط “طاهر أحمد” عن قيام مليشيا “الامام الباقر” بقتل أحد التجار الحلبيين بعد اختطافه، على الرغم من دفع عائلته الفدية التي فرضها عليهم “خالد المرعي” متزعم مليشيا “الامام الباقر” وذلك خلال عملية تفقد التاجر لمصنعه الموجود في حي الراموسة جنوب غرب حلب، أواخر عام “2015”.

الاتاوة والابتزاز

“خالد” وهو اسم مستعار لأحد الشباب المقاتلين في صفوف الجيش السوري الحر، تحدث لـ”وطن” عن الابتزاز المتواصل الذي يتعرض له والده الذي يمتلك مصنعاً ضخماً في مدينة حلب، فضل عدم الكشف عن عمل المصنع حرصاً على سلامة أبيه.

وقال خالد: سيطرة الثوار على المنطقة الصناعية بين عامي ٢٠١٢ و ٢٠١٦ لم تمنع والدي والعاملين في مصنعه من متابعة عملهم، على الرغم من الضرر الذي لحق بمنشآت المصنع وآلاته التي استعاض عنها والدي بأخرى حديثة، وظلت الآلات قيد الانتاج طيلة الاربعة سنوات من سيطرتنا على المدينة.

وتابع: بعد سيطرة الأسد على المنطقة خلال معارك “احتلاله” حلب، حاول والدي الابقاء على آلية عمله، إلا أنه وجد نفسه مجبراً على دفع أتاوة شهرية تبلغ “500 دولار”شهرياً “لمليشا لواء القدس الفلسطيني” التي تسيطر على المنطقة.

وبحسب “خالد” فإن الاتاوة المقدرة بـ”500 دولار” لم تكن كفيلة بإسكات المليشيات، حيث لا يزال يدفع أتاوات اسبوعية لعناصر المليشيات المختلفة التي تطرق باب المصنع والتي قدرها والدي بـ”100 الف” ليرة سورية شهرياً.

الشبيحة والاقتتال أيضاً

الأخبار الواردة من الأحياء الشرقية لمدينة حلب، والتي تسيطر عليها اليوم العديد من المليشيات المحلية التي شكلها الموالون للأسد من سكان تلك الأحياء، تتحدث عن اخضاع المليشيات الأجنبية للعائلات التي أيد متزعموها النظام وقاتل معظم أبنائها في صفوف مليشيا الدفاع الوطني “الشبيحة” إلى قانون الأتاوة.

فقد أكد الناشط “حيدر حمود” الأخبار الواردة من حي المرجة، والتي تتحدث عن قيام مليشيا “لواء الباقر” المدعومة ايرانياً، بفرض أتاوة وضرائب شهرية على المحال التجارية التي تعود ملكيتها لعناصر الشبيحة.

محاولة مليشيا الامام الباقر فرض هيمنته على الأحياء الجنوبية، دفعت بمليشيا مايعرف بـ”لواء الدوشكا” المؤلف من عناصر من سكان حي المرجة وبلدة “عسان” بريف حلب الجنوبي “إلى الاشتباك مع “لواء الباقر الايراني” وطرده من حي المرجة ومنطقة عزيزة المجاورة للحي، بالإضافة إلى تدمير مقار لواء الباقر في حي المرجة ومنطقة الحرابلة، بعد معارك قتل على أثرها أكثر من عشرين عنصراً من الطرفين.

محاولات ضبط الانفلات الأمني

هذه العمليات وغيرها فرضت على نظام الأسد إصدار تدابير أمنية مشددة، وتعيين مسؤولين مقربين من ايران ورأس النظام “بشار الأسد” كمسؤولين أمنيين مباشرين بصلاحيات واسعة، في محاولة منه لتفادي حالة الغليان الشعبي الذي تعيشه مدينة حلب.

فقد أصدرت حكومة الأسد قرارات عديدة تفرض على المليشيات الأجنبية والمحلية الابتعاد عن المناطق السكنية ونزع السلاح المنتشر داخل الأحياء المأهولة بالسكان وكان منها:

منع التجول باللباس العسكري داخل المناطق المدنية، ونزع السلاح من المليشيات التي لاتلتزم بجبهات القتال المشتعلة، وعدم حمل السلاح داخل المناطق السكنية، بالإضافة لعدم التعرض للمدنيين والتجار، وعدم الاقتراب من المنشآت الحيوية وتسليم المقرات الموجودة داخل المصانع لأصحابها.

بالإضافة إلى قرار رأس النظام  “بشار الأسد” تعيين أحد أبرز المقربين منه، وهو ” اللواء محمد ديب زيتون” والمقرب من ايران بالوقت نفسه، رئيساً للشعبة الأمنية المسؤولة عن اللجان الشعبية والمليشيات الأجنبية في مدينة حلب.

إلا أن هذه القرارات وبحسب المدنيين لم تؤدي إلى أي تحسن، في الوقت الذي يرى فيه الكثيرون أن هذه الإجراءات وغيرها لا يعول عليها ولا يمكن أن تساعد في ضبط الأمن المنعدم أصلاً داخل أحياء مدينة حلب، مستندين بذلك على هيمنة ميليشيات الشبيحة المحلية على الأرض، مقابل هيمنة المليشيات الأجنبية المطلقة على جميع مفاصل الدولة في المدينة، وغياب كامل لمؤسسات الدولة الأمنية والقضائية.

منصور حسين – وطن اف ام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى