مع ارتفاع درجة الحرارة ضمن موجة الحر التي تضرب الشرق الأوسط، تتوالى الحرائق في مخيمات النازحين السوريين في البقاع شرقي لبنان، لتزيد معاناة النازحين الفارين من لهيب الحرب السورية.
وخلال أقل من 48 ساعة، التهمت النيران مخيم “سرحون” للنازحين السوريين في منطقة “دير زينون البقاع، بعد أن أتت النيران الأحد الماضي على مخيم “الرائد” المجاور.
الحرائق الهائلة التي شبت في المخيمين أدت إلى مصرع طفلين وعشرات الإصابات التي ما زالت في المستشفيات، وإحراق أكثر من 113 خيمة، ما فاقم معاناة لاجئين أضحوا عاجزين عن توفير الحد الأدنى من أساسيات حياتهم اليومية.
«لهيب» المعاناة
حريق ضخم اجتاح مخيم “الرائد”، وخلف حالة من الذعر والرعب في نفوس اللاجئين السوريين القاطنين في خيامه المتناثرة في مختلف أرجائه، وفق شهادات عدد منهم.
مصطفى المحمود قال إنه كان برفقة عائلته حين اشتم رائحة حريق قبل أن تمتزج بصراخ النساء والأطفال، فكان أن خرج مسرعا ليطلع على حقيقة ما يجري.
مصطفى حاول قدر المستطاع إنقاذ ما يمكن إنقاذه، إلا أنه «فشل لعدم وجود معدات تساعده على إطفاء الحريق»، على حد قوله.
من جهتها، قالت خولة الأحمد المقيمة في المخيم منذ 6 سنوات، إنها كانت داخل المطبخ تحضر الطعام لعائلتها حين سمعت صرخات الناس المستغيثة.
وبخروجها، شاهدت ألسنة اللهب تمتد باتجاه خيمتها، فأخذت أبناءها وهربت مبتعدة قدر المستطاع.
أحد المتضررين من الحريق يدعى عبد الحسين محمد، قال إنه يجهل سبب اندلاع الحريق، لافتا إلى وجود تضارب في المعلومات الواردة بهذا الشأن بين من يرجعه إلى تماس كهربائي أو إلى ارتفاع حرارة الطقس أدى إلى تفاعل بعض المواد المشتعلة بالمخيم.
دعم لوجستي ونفسي
فإن 560 نازحا سوريا في المخيم يتلقون دعما لوجستيا ونفسيا، حيث تسبب حريق مخيم “الرائد” في حدوث حالات اختناق في صفوف سكان المخيم، لا تزال 5 منها تتلقى العلاج داخل مستشفيات البقاع (إحدى محافظات لبنان الـ 6).
كما أسفر الحريق أيضا عن اختناق 6 من عناصر الدفاع المدني، الفرقة المختصة في إخماد الحرائق.
كما إن الحريق خلف خسائر مادية فادحة، حيث فقد اللاجئون جميع ما يملكون بما في ذلك الطعام، فيما تولّت منظمة “الصليب الأحمر اللبناني” عملية توزيع خيام جديدة بمساعدة جمعيات إنسانية وهيئة إغاثة الأمم المتحدة.
ولتأمين هذه العملية، تم الاتفاق بين وزارة الشؤون الاجتماعية والصليب الأحمر، بتنسيق مع الجيش وعدد من المنظمات الأخرى، على أن يكون الصليب الأحمر اللبناني المسؤول المباشر عن العملية لـ 72 ساعة المقبلة.
تخفيف وقع المأساة
في تصريح لوكالة الأناضول، لفت مسؤول “الصليب الأحمر” في البقاع جوزيف داوود استنادا إلى تقرير القوات الأمنية، إلى أنّ “الحريق نشب ظهر الأحد جرّاء احتكاك كهربائي وقع في إحدى الخيام”.
وأضاف أن “جميع الأجهزة الأمنية والإسعاف هرعت إلى المكان وأدّت عملها على أكمل وجه”.
وتابع أن الحادثة لاقت أيضا اهتماما من قبل منظمته ومن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث “تكفّلنا بهذه المخيمات لمدة 72 ساعة”.
ولتعويض الخيام التي التهمتها النيران، قال المصدر نفسه: “نصبنا نحو 50 خيمة جديدة لتجنب تشرد النازحين، وتكفلنا بتأمين احتياجاتهم من مياه الشرب والخدمات، كما قدمنا وجبات طعام فطور وقد حضر عدد من المدربين الاختصاصيين لتقديم الدعم النفسي للأطفال”.
وتابع أن منظمته «عملت عبر وحدة إدارة الكوارث على تأمين 102 خيمة تم نصب 45 منها، إضافة إلى وضع 50 غطاء شادر للخيم من أصل 192».
المنظمة وزعت أيضا مواد غذائية للعائلات، وحرصت على تأمين مياه الشرب لها، ومولد للكهرباء، مع تجهيز 300 بطانية لتوزيعها بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة”.
وأشار داوود إلى أن المنظمة ستعمل أيضا على تأمين المواد الغذائية وتوزيع مواد التنظيف، ومساعدة العائلات على نصب الخيام.
كما من المنتظر أيضا أن تتوجه العيادات النقالة التابعة للصليب الأحمر اللبناني إلى المخيم، وفق داوود.
يشار إلى أن أعداد اللاجئين السوريين في لبنان تزيد على مليون و200 ألف، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين في لبنان.
ويحظى البقاع بما تزيد نسبته على 34 % من الإجمالي الكلي للاجئين السوريين وفقا للأرقام الأخيرة التي أعلنتها المفوضية، يعيش أغلبهم في مخيمات عشوائية داخل القرى والبلدات الريفية والجبلية.
وطن اف ام