أخبار سورية

سباح سوري يصعد إلى العالمية في لبنان

علي قاسم هرب طفلا لاجئا من أتون الحرب في بلده سوريا ليحط الركاب في بلدة ساحلية لبنانية، منحته فرصة امتطاء أمواج حلّقت به عاليا في سماء رياضة قد تتوجه يوما بطلا عالميا.

“علمتني رياضة ركوب الأمواج كيف أكون قويا في الحياة، وأن لا شيء مستحيل”.

بهذه العبارة، استهلّ “علي” (17 عاما)، مفعما بأحلام وطموحات قال إنها قد تجعل من اسمه يلمع يوما بين أبطال العالم في هذه الرياضة.

ما بين حلب وجيّة.. ولادة حلم

أمضى “علي” الفترة الأولى من طفولته وتحديدا حتى العاشرة من عمره في مدينة حلب شمال غربي سوريا، الخالية تماما من البحر.

وبمجيئه وعائلته لبنان في 2011، استقر في “الجيّة”، وهي بلدة ساحلية قديمة تقع على بعد 28 كم جنوب بيروت، وتمكن ذلك الطفل الأشقر من تعلم أصول السباحة، قبل أن يصبح محترفا في ركوب الأمواج.

أمضى “علي” أياما طويلة وهو يراقب راكبي الأمواج، لما تتطلبه هذه الهواية من دقة في النظر ولياقة بدنية، حيث كان يقضي ساعات طويلة مدققا النظر في جميع تفاصيل وحركات هؤلاء الأشخاص المحلقين عاليا عبر الأمواج.

وبعد أشهر قليلة تحول المراهق من صفوف المتفرجين إلى صفوف المحترفين.

“علي” روى رحلته في عالم الأمواج، وخطواته الأولى فيه، مشبّها ما يقوم به بـ “الفن”.

وعن تلك الرياضة يقول الفتى: “تسمح لي بالتعبير عن شخصيتي.. لقد أصبحت شخصا مختلفا، وأضحت لدي ثقة أكبر بنفسي”.

وبحكم قرب منزله من شاطئ البحر، قال “علي” إنه كان يذهب يوميا للسباحة، و”مراقبة الشبان وهم يمارسون هذه الرياضة ورصدهم بشكل يومي”.

وفي 2015 استكمل “علي” عامه الـ 15، فكان أن قرر خوض تجربة ركوب الأمواج بمفرده ودون أي تدريب مسبق أو تجربة.

استغل خلو الشاطئ من رواده، وأحضر لوحة من “الفلّين”، واستخدم سكينا لنحتها على شاكلة لوحات التزلج المحترفة التي كان يشاهدها لدى راكبي الأمواج.

الصدف تصنع “أبطالا”

علي الأمين، وهو مكتشف علي قاسم، قبل أن يتكفل بتدريبه قال، إن “الصدف تقودنا أحيانا إلى مرحلة جديدة من حياتنا”.

صدف شبيهة بتلك التي حملته عائدا مع رياضيين في المجال إلى “الجيّة”، لينتبه لوجود طفل يصر على ركوب الأمواج.

و”رغم عدم قدرته على فعل ذلك بالشكل المطلوب”، يقول الأمين إلا أن “محاولاته كان فيها شيء من الحرفية والذكاء”.

وتابع: “شاهدنا الفتى وهو يحمل لوحة من الفلّين، ويقف بحذر على حافة المياه، لكن لم يدر بخلدنا أبدا أنه سيخاطر بالنزول إلى المياه الهائجة، وركوب الأمواج العالية”.

ومع أن الأمر كان بمنتهى الخطورة بالنسبة إلى فتى غير مدرّب، حتى أنه لم يكن يرتدي الثياب الخاصة بالغطس، إلا أنه “قطع نصف الطريق، قبل أن نطلب منه العودة لأنه لم يكن مربوطا بحبل الساق، كما أن المياه كانت لا تزال باردة”، وفق المدرّب.

مشادة كلامية حققت الحلم 

عناد الفتى المراهق أدخله في مشادة كلامية مع الأمين (35 عاما)، والذي استقطبه إصرار “علي” وثقته العالية بنفسه، فكان أن قرر تدريبه ومنحه أسرار الهواية النادرة في لبنان.

ومنذ ذلك الحين أصبح “علي” “الابن الروحي والمدلل” لـ “الأمين”.

وفي غضون أشهر قليلة، وعقب تلقيه عدة دروس، تمكن علي من إتقان أصول الرياضة، بل أضحى قادرا على ركوب الأمواج بثقة نفس عالية وتمكن واضح.

“لم أنظر إليه على أنه مجرد مراهق أو أنه من بلد وطائفة مختلفين”، يتابع المدرب، “وإنما تعاملت معه كإنسان لديه طموح وذكاء، وأتمنى أن يصبح تلميذي مدربا محترفا وصاحب نادٍ متخصص بهذه الرياضة”.

رغبة تتماهى مع حلم “علي” الذي يطمح إلى فتح أول مركز للتدريب على ركوب الأمواج في بلده سوريا، ولأن يكون أول من يدخل هذه الرياضة إلى وطنه.

اللافت أن والد “علي” كان يقيم في لبنان قبل 25 عاما، لكنه كان يمضي وقته متنقلا بينه وبين بلده سوريا إلى أن اندلعت الحرب في 2011.

ولـ “علي” شقيقان، قتل أحدهما بحلب بداية الحرب، و3 شقيقات.

وظهرت رياضة ركوب الأمواج من جديد في لبنان في 2012، على يد “الأمين”، بعد أن كانت موجودة أصلا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، لكن ظروف الحرب الأهلية وأدتها لسنوات طويلة.

ولفت “الأمين” إلى أنه يحاول النهوض بهذه الرياضة كي تصبح منتشرة على نطاق واسع، خصوصا أن بلاده تمتاز بأمواج عالية مناسبة لممارستها.

وطن اف ام 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى