رغم محنتهم، قرر أطفال سوريون أيتام مقيمون بتركيا التبرّع بمصروفهم لمسلمي الروهنغيا المضطهدين بإقليم أراكان في ميانمار.
ففي ولاية كليس التركية، تستضيف جمعية “السلطان محمد الفاتح”، عددًا من الأطفال الأيتام وأمّهاتهم، ممن فروّا من ويلات حرب فقدوا فيها آباءهم.
ومع أن حياتهم الجديدة أعادت إليهم أملا فقدوه لفترة طويلة، إلا أن ذكرى الحرب وويلاتها وما تعرّضوا له خلالها، لا تزال راسخة في أذهان هؤلاء الأطفال، ما منحهم وعيا مبكّرا بالقضايا الإنسانية حول العالم.
المجازر التي يتعرّض لها، منذ أسابيع، مسلمو الروهنغيا في أراكان (راخين) من قبل جيش ميانمار، بلغ صداها العالم بأسره.
وبوصولها إلى الأطفال السوريين في كليس التركية، ظنوا – ببراءتهم- أنّ تلك الفظاعات تجري في بلادهم، غير أنهم، وباستفسارهم حقيقة الأمر، أخبرتهم أمهاتهم أنّ المستهدفين هم مسلمو الروهنغيا، وشرحن لهم تفاصيل ما يجري.
وعلى الفور، اتفق الصغار على التبرّع بمصروفهم الشخصي لصالح أقرانهم من الروهنغيا، قبل أن يقوموا بإبلاغ إدارة الجمعية باتفاقهم.
بدورها، تواصلت الجمعية مع “الهلال الأحمر” التركي في كليس، وأبلغته اعتزام الأطفال الأيتام التبرّع بمصروفهم لإغاثة مسلمي أراكان، بحسب الأناضول.
وقال نائب رئيس جمعية السلطان محمد الفاتح، عبد الغني شيفاغ، إن الأطفال تبرعوا بملغ 50 ليرة تركية (ما يعادل نحو 15 دولار) لمسلمي أراكان.
وأوضح أن أمهات الأطفال تواصلن مع مسؤولي الجمعية، وأعلموهم برغبة الأطفال في مساعدة مسلمي أراكان.
وأضاف أن الأمهات أكدن أنهن في سوريا تعرضوا لنفس ما يتعرض له المسلمون في ميانمار اليوم.
وتابع شيفاغ أن “الأمهات أعربن عن عزم أطفالهن مساعدة أقرانهم الروهنغيا”.
وأكد أن الجمعية بدورها تواصلت مع الهلال الأحمر التركي، وقدّمت مساعدة الأطفال المالية إلى المسوؤلين، من أجل إيصالها لأطفال الروهنغيا.
مدير الخدمات العامة بفرع الهلال الأحمر بولاية كليس، حكمت أردينج، رأى في مساعدة الأطفال الأيتام السوريين لأقرانهم في أراكان، وعدم التزامهم الصمت إزاء ما يتعرضون له الروهنغيا من اضطهاد، “موعظة” انسانية.
وأكد أن مبادرة الأطفال كان لها أثر كبير في قلوب عاملي الهلال الأحمر، متعهدا بإيصال أمانة الأطفال السوريين إلى أطفال أراكان في أقرب وقت.
من جانبها قالت الأم السورية، مريم تجان، إن المسؤولين بالجمعية التركية تكفلوا بكامل احتياجاتهم.
وأوضحت تجان أنها دهشت من مشاهد المعاناة القاسية لمسلمي أراكان، والتي تابعتها عبر شاشة التلفزيون.
وأضافت أن أطفالها شعروا بحزن شديد لما شاهدوه أيضا، وقالوا لها إنهم يريدون مساعدة أطفال الروهنغيا.
وأشارت إلى أن تركيا قدمت للسوريين يد العون والمساعدة وفتحت أبوابها لهم، وأنهم بدورهم يرغبون في مساعدة مسلمي أراكان.
وفي ختام حديثها أعربت تجان، عن أملها في أن تنتهي محنة المسلمين في العالم في أقرب ممكن.
ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، يرتكب جيش ميانمار إبادة جماعية بحق المسلمين الروهنغيا في إقليم أراكان (راخين)، أسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، بحسب ناشطين أراكانيين.
ووفق مصادر أممية، نزح من المسلمين الروهنغيا إلى بنغلاديش نحو 400 ألف شخص؛ بينهم 220 ألف طفل دون 18سنة.
وطن اف ام