أخبار سورية

السوريون في مصر يواجهون صعوبات التعليم .. منهاج مصري بلهجة شامية

“الحاجة أم الاختراع”.. مقولة ملهمة طبقها اللاجئون السوريون في مصر بإنشائهم مراكز تعليمية، للتغلب على الصعوبات الدراسية التي واجهها أبناؤهم في مراحل التعليم المختلفة بالمدارس المصرية.

ورغم مرور أكثر من خمس سنوات على تدفق السوريين إلى مصر، والسماح لأبنائهم بالتسجيل في المدارس المصرية منذ عام 2012، لكنهم لا يزالون يواجهون صعوبات، بينها التعلم باللهجة المصرية العامية (الدارجة).

وفي أبريل / نيسان 2017، قال مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية السفير طارق القوني، إن عدد اللاجئين السوريين في مصر يقدر بنحو 500 ألف، بينهم حوالي 120 ألفا مسجلين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وخلال العام الدراسي الحالي (2017 ـ 2018)، انتظم قرابة 40 ألف طالب سوري في المدارس المصرية، علاوة على تقديم الرعاية الصحية الأساسية لحوالي 20 ألف طفل سوري، وفق الحكومة المصرية.

 خطوة للأمام

“لم يكن أمامنا سوى توفير مراكز تعليمية تخفف مرارة الغربة”.. هكذا رأت نور مصطفى، المعلمة في “مركز سوريا الغد” التعليمي بمدينة العبور شرقي القاهرة، الحل لتعثر الأطفال السوريين في تعلم المناهج الدراسية المصرية.

نور أضافت في حديث للأناضول: “نحاول تحسين مستواهم العلمي الذي تدهور بسبب سوء حالتهم النفسية (جراء معاناة الحرب واللجوء)، وتعثر متابعتهم للمناهج المصرية باللهجة العامية الدارجة”.

وتابعت: “السوريون اللاجئون في مصر أتوا بعد عام ونصف العام من الحصار في بلداتهم السورية، وتعرضوا لأهوال الحرب ودوي القنابل، ما جعلهم، ولا سيما الأطفال، بحاجة إلى معاملة خاصة تراعي حالتهم النفسية”.

وشددت المعلمة السورية على أن الجالية السورية في مصر لم يكن أمامها سوى توفير مراكز تعليمية للأطفال، تراعي احتياجاتهم النفسية، وتدرس المناهج المصرية باللهجة الشامية السورية.

أساليب حديثة

وفق فاتن عبد اللطيف، مديرة “مركز الأوائل” التعليمي السوري بمدينة 6 أكتوبر في الجيزة (غرب القاهرة)، فإن المراكز السورية في مصر تعتمد على تطبيق أساليب حديثة في التعليم تقوم على اقتران الدراسة باللعب والأنشطة.

وأضافت فاتن في حديث للأناضول، أن “تعليم الأطفال السوريين بأساليب حديثة وشيقة يهون عليهم مرارة الغربة ومأساة الحرب والعقبات التي تواجههم في التعليم داخل المدارس المصرية”.

بدوره، قال هاني إبراهيم حصاص، مدير “مركز جسور العلم” التعليمي في مدينة 6 أكتوبر، إن “الأطفال السوريين واجهوا مشاكل عديدة في الالتحاق بالمدارس المصرية، أبرزها بطء إجراءات استخراج أوراق الإقامة وتجديدها كل عام”.

ووفقا للقانون المصري، يسجل حملة الجنسية السورية الوافدون أسماءهم في مفوضية اللاجئين في البلاد، لاستخراج بطاقة “صفراء” تمنح الحاصلين عليها مختلف الخدمات الطبية أو التعليمية في البلد المضيف.

وأضاف حصاص أن “الذين يتمكنون من الالتحاق بالمدارس المصرية من أبناء الجالية السورية لا يزالون يواجهون صعوبات تتعلق بفهم المناهج باللهجة العامية الدارجة، وتكدس الفصول الدراسية بالطلاب، ما يحول دون التعلم الجيد”.

وأوضح أنه مع ازدياد الصعوبات التي واجهت السوريين في مراحل التعليم بمصر، ولدت فكرة إنشاء مراكز تعليمية على غرار نظيرتها المصرية، من حيث الالتزام بالمناهج المصرية، ولكن باللهجة الشامية السورية، وأساليب التعليم الحديثة.

الحاجة أم الاختراع

لكن ثمة عقبة تواجه المدارس السورية في مصر، وهي العمل من دون ترخيص، أو اللجوء إلى العمل تحت مظلة جمعيات أهلية عاملة في البلاد، حيث يتيح القانون المصري للجمعيات غير الحكومية إنشاء فصول تقوية أو مراكز تعليمية للطلاب، وفق حصاص.

وقالت ياسمين زيادة، مديرة “مركز سوريا الغد” التعليمي: “نعاني استخراج تراخيص إنشاء المدارس، ولكن علينا احترام قوانين الدولة التي نعيش فيها، ونحاول أن نسير الأمور حتى نعود إلى بلادنا”.

وأضافت زيادة للأناضول: “رجال أعمال مصريون وسوريون يدعمون المدارس السورية ماديا، كما أن الطلاب يدفعون رسوما مالية رمزية سنويا، وبعضهم يدرس بالمجان لسوء حالتهم المادية”.

وأوضحت أن المراكز التعليمية السورية تقوم بتدريس المناهج التعليمية المصرية، لكن بكوادر ولهجة سورية.

ويبلغ عدد المراكز التعليمية السورية في محافظتي القاهرة والجيزة نحو عشرين مدرسة، تستوعب كل منها نحو ثلاثة آلاف طالب في مختلف المراحل الدراسية، بداية من رياض الأطفال وحتى شهادة الثانوية (المرحلة قبل الجامعية).

أجواء دمشقية

ويفرض القانون المصري على اللاجئين تجديد أوراق الإقامة في أكتوبر / تشرين الأول سنويا، غير أن بطء عملية استخراج تصاريح الإقامة، التي تستغرق غالبا نحو أربعة أشهر، يحول دون التحاق طلاب سوريين بالمدارس في مصر.

داخل أحد فصول “مركز جسور العلم”، وقف المعلم السوري محمد القلعاني يشرح لعدد من طلاب المرحلة الإعدادية أحد دروس مادة الرياضيات باللهجة الدمشقية، وبدا وكأنه يشعل حماسة الطلاب اللاجئين، ويعيد إليهم ذكريات الدراسة في بلدهم.

بانتباه ملحوظ، يتجاوب معه الطلاب الذين لا تتجاوز أعمارهم 14 عاما، رغم اختلاف المناهج الدراسية المصرية عن نظيرتها السورية، في مشهد يحاول فيه الطرفان تخفيف آلام ومرارة الغربة عن بعضهما.

يجلس مهند على مقعد خشبي داخل فصل مخصص للصف الثالث الإعدادي بذهن شارد قبل أن يقول للأناضول: “فررت مع أسرتي وأنا في العاشرة من عمري من جحيم الحرب في بلدي، تاركا منزلي ورفاقي، لكنهم لم يغيبوا يوما عن مخيلتي، وأتمنى العودة إليهم قريبا”.

وطن اف ام / الأناضول 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى