فجر يوم أمس الثلاثاء بدأت قوافل المهجرين من منطقة عربين بريف دمشق بالوصول إلى قلعة المضيق شمال غربي مدينة حماة بعد حصار استمر أكثر من أربع سنوات.
ينفض محمد عبيد (أحد المهجرين) التراب عن حقائبه التي خرج بها وهو ينزلها من الحافلة الذي كانت تقلهم ويجمع أطفاله بجانبه وهو ينظر إلى المكان الجديد الذي حط فيه رحاله.
يقول محمد عبيد لـ وطن اف ام وهو أحد أبناء مدينة سقبا ” وصلنا بعد رحلة شاقة ومعاناة لا توصف عايشناها لمدة طويلة نتيجة الحملة الشرسة التي قامت بها قوات الأسد وروسيا من قصف بطائرات الميغ والسوخوي والقنابل العنقودية وغيرها؛ إذ إنها الحملة الأعنف منذ تحرير مناطقنا في 2012 وحتى الوقت الذي شهد التهجير.
ويضيف عبيد” عشنا في أقبية تشبه الزنزانات المنفردة كانت ضيقة جداً لا تتجاوز الثلاثة أمتار، غير مجهزة للسكن، لم نكن نستطيع الجلوس أو الاستراحة بها، النساء والأطفال في حالة إرهاق وتعب مستمرين، لا يستطيعون التمدد والنوم ولو لبضعة دقائق ولا يقوون حتى على التقاط أنفاسهم بسبب الرطوبة، وعدم رؤيتهم لضوء الشمس لفترات طويلة، حتى الطعام غير متوفر ولا يمكننا الخروج لتأمنيه بسبب القصف المستمر ورصد طيران الاستطلاع للطرقات، وعندما يتوفر كان أقل من نصف صحن أرز في اليوم.
“لم تكن هذه الأقبية بالملجأ الآمن بل طالها القصف أيضاً لتهدم فوق رؤوس المدنيين”، كما يؤكد محمد ،” كما لم ينل الموت منا، بمعجزة من الله قدر لنا العيش والخروج من تحت أنقاض الملجأ الذي كنا فيه، عدا عن ذلك ما عايشناه نحن وأطفالنا من ضغط نفسي وخوف ورعب لازمنا لثلاثة أشهر”.
نزوح وتهجير مستمر
يقدم محمد أطباق الطعام البلاستيكية لأهله وهي تقدمة من سكان الشمال السوري، ثم يكمل ” لقد كان الوضع مأساوياً جداً ؛ تنقلنا من سقبا إلى حزة، عين ترما ، زملكا ، لنستقر في عربين، ونقف بعد كل هذا الصمود عاجزين أمام خيار وحيد وهو التهجير والرضوخ للأمر الواقع بالخروج من مدينتنا مجبرين على ذلك رغما عنا تاركين خلفنا ذكريتنا ومنازلنا ملوحين بأيدي الوداع لها .”
أرقام
بعد الحملة العسكرية الشرسة التي قامت بها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية وميلشيات أجنبية على الغوطة الشرقية بغية السيطرة عليها، أتبعت فيها سياسة الأرض المحروقة.
وصرح مدير الدفاع المدني بدوما فراس كحال لـ وطن اف ام “قصفت هذه المناطق بمختلف أنواع الأسلحة قرابة (١٠٢٩) برميل متفجر، و(١٥٧٨) صاروخ أرض ارض، عدا عن الغازات السامة والقنابل العنقودية والأسلحة الحارقة والمحرمة دولياً و”٢٦٧٦” غارة جوية.
وبحسب كحّال “فقدت الغوطة الشرقية خلال العملية العسكرية الأخيرة أكثر من “١٢٥٤” شهيداً من المدنيين وأكثر من ٣٣٩٤ جريحاً بعضهم في حالات حرجة ، بينهم أطفال ونساء ومن عناصر الدفاع المدني أيضاً”.
الغوطة وفرض التهجير
واستطرد كحّال، “استطاعت قوات الأسد من خلال هذه الحملة السيطرة على ٨٠% من مدن وبلدات الغوطة الشرقية كالنشابية وحزة وتل فرزات الاستراتيجي مما أدى إلى تقطيع أوصال الغوطة إلى ثلاث قطاعات ، (شمالي تحت سيطرة جيش الإسلام في دوما ، وقطاع حرستا تحت سيطرة أحرار الشام ، وأوسط تحت سيطرة فيلق الرحمن في عربين وزملكا إضافة لحي جوبر الدمشقي).
ويختم كحّال لـ وطن اف ام، “بعد كل ذلك اضطر الثوار لتوقيع اتفاق التهجير مع روسيا يقضي بخروج المقاتلين وعوائلهم وتهجير الأهالي بشكل قسري من مدينة حرستا إلى محافظة ادلب، لحقها توقيع اتفاقية عربين وزملكا التي تقتضي أيضاً بالتهجير ودخول قوات الأسد لتلك المناطق.
ليصل إلى ادلب ٥١٩٨ مهجراً من حرستا، و١٣٠٩١ مهجراً من عربين، موزعين على ثلاث مناطق هي” ميرناز بريف حلب ومعرة النعمان ومعرة الإخوان بريف ادلب.
سيلا الوافي – وطن اف ام