“عيد الفطر وقف عند حدود المخيم”.. جملة أجمع عليها النازحون السوريون في مخيم “الحياة والأمل” المقام على أرض يملكها مواطن لبناني، وتسكنه العشرات من العائلات السورية النازحة إلى منطقة كترمايا في جبل لبنان، في ظل أوضاع معيشية صعبة لا تزال تتغلغل بين الخيم وداخلها، آبية أن تسمح لعيد الفطر بأخذ مكانه ولو لأيام معدودة.
زائر المخيم الذي يقع في أراض وعرة بين جبال، يتيقن من حقيقة تلك الجملة التي أجمع عليها النازحون، ويرى بأم عينه أن عيد الفطر، اجتاز الجبال الكبيرة كلها ولكنه عجز عن اجتياز حدود المخيم الصغير، ما ولّد غصة تُرى بأعين المقيمين هنا، ولسان حالهم “أعيدوا لنا فرحتنا المسلوبة”.
لا أجواء لعيد الفطر، فالكبار في خيمهم يحاولون تمضية الوقت والتعالي على جراح فراق الأحبة والأقرباء والأصدقاء، والصغار لم يجدوا لا مراجيح ولا ألعاب يلهون بها كبقية أطفال العالم في أيام العيد، فلم يكن أمامهم إلا التراب والأخشاب وأرجوحة صغيرة من صنع أيديهم، معلقة تتأرجح بين شجرتين، قد تسقط في أية لحظة.
ويضم المخيم، الكائن على أرض يملكها اللبناني علي طافش، في بلدة كترمايا بمحافظة جبل لبنان جنوب بيروت، حوالي 40 عائلة سورية نازحة من مختلف المناطق السورية، وهو أنشئ بعد تزايد أعداد اللاجئين السوريين في المنطقة، قبل حوالي 3 سنوات.
“أم العز”، التي تسكن المخيم منذ أكثر من عام، قالت لـ”الأناضول” أن “عيد الفطر لم يمر من عندنا، فلكل منا قصة مفجعة، وكل منا يفتقد لقريب أو صديق بسبب الحرب واللجوء”، مضيفة “حقيقة لقد وقف عيد الفطر عند حدود المخيم”.
وقالت أم العز، وهي تحبس دموعها في عينيها “نحن لسنا بأجواء عيد على الإطلاق”، معتبرة أن العيد الحقيقي “يوم نعود الى بلادنا ونجتمع مجددا مع أهالينا وأحبابنا”.
وعبّرت عن “غصة كبيرة تعتري الكبار والصغار”، مشيرة الى أن الأطفال “لا يشعرون بالعيد كما بقية أطفال العالم، فلا مراجيح لهم ولا ثياب جديدة ولا ما يسر قلوبهم، بل تراب وأخشاب ووحول”.
ولفتت أم العز الى أنها لم تستطع شراء أي من مستلزمات العيد لا لها ولا لأولادها الثلاثة الصغار، بعد أن توفي زوجها بسبب الحرب الدائرة في سوريا منذ أكثر من 4 سنوات وقالت، “لا منظمات أو جمعيات تقدم مساعدات كافية، والشكر لصاحب المخيم الذي يعمل ما بوسعه دائما”.
من ناحيته، حمّل أبو يوسف، الذي رفض الظهور أمام عدسة الكاميرا، حكومات العالم أجمع “أوضاعنا المعيشية السيئة منذ حوالي 5 سنوات، وخاصة اليوم مع حلول عيد الفطر”.
وقال أبو يوسف وهو يحاول تصليح دراجته النارية المهترئة “لقد أصبح الشعب السوري بكامله ألعوبة بيد حكومات وزعماء العالم، وليس لنا من معين إلا الله”، متخوفا من أن تمتد الأزمة لعشرات السنوات القادمة.
ويبقى الأطفال الأكثر ألما مع حلول العيد بالاسم فقط، دون حلوله فعليا عليهم، عبد الله الدمراني، ابن التسعة أعوام، عبّر عن حزن شديد يملأ قلوب أطفال المخيم وقال “لا مراجيح عندنا، ولا ألعاب ومال ولا معايدات ولا شيء”.
وقال الدمراني لـ”الأناضول”، إن “عدم وجود ألعاب لنا في العيد، أجبرنا على إنشاء أرجوحة واحدة صغيرة بإمكانيات قليلة ربطناها بين شجرتين… هذه هي لعبتنا الوحيدة الآن”.
وتابع الدمراني، الذي لجأ مع عائلته من منطقة معضمية الشام بريف دمشق الى لبنان “الوضع هنا سيء جدا، وأمي ليس معها مال لتشتري لنا مسلتزمات العيد، وأبي مريض، ولا أحد يعطينا عيدياتنا… أنا لا أشعر بالفرح على الإطلاق”.
وأضاف أن “العيد بالعادة جميل ومفرح، ولكن الدنيا أجبرتنا على ما نحن نعيشه الآن”، متمنيا “لو أننا نفرح كما يفرح أطفال العالم الآن، فنحن لا ذنب لنا أبدا”.
ويبقى قانطو مخيم “الأمل والحياة” متمسكين بمعاني اسم مخيمهم، على أمل أن يتركوه عمّا قريب ليعودوا الى قراهم ومدنهم في سوريا، حيث هناك “العيد الحقيقي بالنسبة لهم”، على حد قولهم.
واستقبل لبنان أكثر من 1.1 مليون سوري هربوا من النزاع الدامي الذي تشهده سوريا المجاورة منذ منتصف مارس/آذار 2011، بحسب إحصائيات للأمم المتحدة.
{gallery}news/2015/7/18/11{/gallery}
المصدر : الأناضول