في العمق

في العمق – اتفاق القنيطرة.. والعودة لـ”فك الاشتباك” 1974

ناقشت حلقة اليوم من برنامج “في العمق”، الذي تبثه “وطن اف ام” كل اثنين وخميس، في قضية جنوب غرب سورية، والاتفاق الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي، برعاية روسية، ويتيح عودة قوات الاسد، بعد أن سيطرت على مناطق المعارضة في درعا، لتبسط نفوذها، في محافظة القنيطرة، بما في ذلك المناطق الحدودية مع الجولان، وفق اتفاقية “فك الاشتباك” الموقعة بين سورية نهاية مايو/أيار سنة 1974.

وبهذا يكون قد اقترب، ملف جنوب سورية، من الوصول لنقطة النهاية، مع تواصل خروج المزيدِ من المدنيين والعسكريين الى ادلب، وهم الرافضون للاتفاق الروسي مع المعارضة السوري، وهو اتفاقٌ قرر في بنوده العريضة، ان تٌسلم الفصائل العسكرية هناك سلاحها الثقيل للشرطة العسكرية الروسية، وأن يقوم من يريد البقاء بتسوية وضعه مع سلطات نظام الأسد، بحيث عليه أن يقدم كافة المعلومات والوثائق التي تُطلب منه، على أن يلتحق من يسميهم النظام بالمتخلفين عن الخدمة الإلزامية خلال ستة أشهر، ويدخل “اللواء 90″ و”اللواء 61” التابعان لقوات النظام، برفقة الشرطة العسكرية الروسية، إلى خطّ وقف إطلاق النار، والمنطقة منزوعة السلاح، وفق اتفاقية العام 1974 بين النظام والاحتلال الإسرائيلي.

واتفاق “فك الاشتباك” هذا، الذي تم توقيعه في مدينة جنيف السويسرية، قبل أربعةٍ وأربعين عاماً، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد السوفيتي سابقاً، والولايات المتحدة الأمريكية، أنهى حرب الاستنزاف، التي استمرت بالفترة التي أعقبت حرب تشرين/أكتوبر سنة 1973، وينص على أن إسرائيل وسورية ستراعيان بدقة وقف إطلاق النار في البر والبحر والجو وستمتنعان عن جميع الأعمال العسكرية فور توقيع هذه الوثيقة تنفيذا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 338 المؤرخ في 22 أكتوبر 1973، إذ تم تحديد الفصل بين قوات الطرفين، بحيث يكون الجيش الإسرائيلي، غرب الخط (أ) أو “ألفا”، وقوات الأسد شرق الخط (ب) او “برافو”، وهما خطان يمتدان من مرتفعات جبل الشيخ شمالاً، وصولاً للحدود الأردنية جنوباً، ويقسمان هضبة الجولان بين إسرائيل وسورية، وهو المعروف بخط هدنة ما بعد حرب يونيو/حزيران 1967.

وبين هذين الخطين على طول الحدود، تنتشر وفق الاتفاق، قوة مراقبة الفصل المعروفة باسم “أندوف” في عدة نقاطٍ، على أن يتبع الخطان منطقتين على الطرفين، بعمق خمسة وعشرين كيلو متراً، تكون محدودة السلاح وعدد القوات، ويسمح للجانبين بتحريك القوات الجوية فيهما، لكن لا يسمح للجانب السوري بنشر صواريخ “سام”.

ومع بدء انتهاء سيطرة اخر نقطة للمعارضة في درعا والقنيطرة، تكون هذه الاتفاقية، قد عادت للتنفيذ فعلياً، وهو ما لم تتحفظ عليه إسرائيل، التي كانت تعترض وترفض دائما أي تواجد للنفوذ العسكري الإيراني جنوب سورية، وهو ما يبدو ايضاً أنه قد تضائل كثيراً.

وحاولت حلقة اليوم من برنامج “في العمق”، الإجابة عن سؤالين أساسيين، وهما: 1- ما تفاصيل الاتفاق في القنيطرة وأبعاده؟، 2- وهل انتهى ملف جنوب سورية بعودة تطبيق اتفاقية “فك الاشتباك”، وبإبعاد النفوذ الإيراني من الجنوب؟.

وأجرت “وطن اف ام” استطلاعاً للرأي، تم بثه خلال هذه الحلقة من برنامج “في العمق”، حيث سأل مراسلو الإذاعة عدداً من السوريين والسوريات: هل انتهى ملف جنوب سورية بتطبيق اتفاق فك الاشتباك سنة 1974 وبتحجيم النفوذ الإيراني؟، حيث عبر المشاركون عن وجهات نظرٍ متباينة، غير أن معظم الآراء، اتفقت على أن ملف جنوب غرب سورية انتهى، مع إعادة تفعيل اتفاقية “فك الاشتباك”، حيث تسيطر قوات النظام على كامل المحافظتين والمناطق الحدودية، ولو أن بعض المشاركين، شكك في أن يكون قد جرى تقويض النفوذ الإيراني هناك.

وشارك في نقاش حلقة اليوم، كل من عقاب يحيى، عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف الوطني السوري”، والباحث في “مركز جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي.

وقال عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف”، عقاب يحيى، إن “صفقة تم عقدها بين كل من إسرائيل وروسيا بمباركة أمريكية، تقتضي بالبقاء على النظام الحالي، وعودته إلى الوجود في هذه المناطق(القنيطرة، درعا)، مضيفاً أن “إسرائيل تحدثت طويلاً أنها تطمأن لوجود النظام، لأنه أثبت عبر التاريخ، التزامه الكامل بالاتفاقات وأولوها اتفاقية (فك الاشتباك)، حيث منع النظام طيلة عقود، إطلاق أي رصاصة من الحدود السورية، وكان يعاقب أي محاولة لعمل فدائي فيها”.

وأضاف عقاب يحيى خلال حديثه لـ”في العمق”، أن “الاشكال الكبير بخصوص النفوذ الإيراني في سورية، يختلف عن الوجود الروسي الاحتلالي، كقوات أجنبية. إيران نجحت في اختراق المجتمع السوري، في التواجد داخل هذا المجتمع، عبر العديد من النشاطات و الحسينيات وغيرها. النفوذ الإيراني ممكن أن يبتعد قليلاً عن الحدود مع فلسطين المحتلة، لكنه موجود داخل الوضع السوري بقوة، ولا أدري الشعارات الأمريكية عن إنهاء أو تحجيم هذا الدور كيف سيكون واقعياً؟.. ما زلنا على طريقة السيناريوهات التي يتناول فيها ترامب، ولا أدري الحلم فيها من الحقيقة”. 

وحول ما إذا كانت اتفاقية “فك الاشتباك” ستعود ليتم تنفيذها كما كانت سارية قبل 2011، أو أنه قد يطرأ عليها أي تعديل، قال الباحث عبد الوهاب عاصي لـ”وطن اف ام”، بأن “تعديل الاتفاق الموقع سنة 1974، في الوقت الحالي بالنسبة لإسرائيل، يقترن بالنسبة للخطوط الحمراء الإسرائيلية، من النفوذ الإيراني في سورية، أو من الملف السوري بشكل عام. الخطوط الحمراء يمكن إحصائها بحوالي سبعة إلى ثمانية خطوط حمراء، وليس ثلاثة كما ينشر على الاعلام. على سبي المثال، تريد إسرائيل ليس مجرد منطقة محدودة السلاح ومنطقة لتواجد قوات الأندوف، وغير ذلك، إنما قد تطلب تحويل هذه المنطقة الى منطقة عازلة بوجود ضمانات أو مراقبة دولية، لا تقتصر على الأمم المتحدة، إنما على الطرف الروسي، هذا محتمل جداً، وهذا أحد الاحتمالات”.

وأضاف عاصي أن “المخاوف الإسرائيلية من الوجود الإيراني، لا يمكن أن تنضبط، وأعتقد انه بالأصل يتم استثمار هذه المخاوف، كذريعة لتحصيل مصالح إسرائيلية أكبر ومكاسب أعلى، على عكس ما يتم الترويج له، بمعنى أن إسرائيل تريد أخذ ملكية كاملة على الجولان”، مشيراً إلى أن “إسرائيل تعلم بأن قضية تقويض النفوذ الإيراني ممكنة عسكرية لكن من الناحية الأيديولوجية والأمنية، قد يكون الأمر مبالغاً به وصعب التحقيق”.

ويمكنكم الاستماع الى الحلقة كاملة، عبر الضغط على الرابط أدناه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى