بحثت حلقة اليوم من برنامج “في العمق”، الذي تبثه إذاعة “وطن اف ام”، كل اثنين وخميس، في البنود التي عُرفت رسمياً حتى الآن، عن اتفاق “سوتشي”، الذي تم التوصل إليه بين الرئيسين، التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين.
فبعد عدة أسابيع من الترقب في سورية، وخصوصاً في شمالها الغربي، حيال مصير منطقة خفض التصعيد في إدلب وأرياف حماه وحلب واللاذقية المتصلة بها، جاء يوم الإثنين، السابع عشر من أيلول/سبتمبر، ليُنهي حالة التوتر التي سادت مع حشد نظام الأسد عسكرياً وإعلامياً لما كان يسميها معركة “فجر إدلب”.
إذ أن قمة الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، خرجت باتفاق قَوّضَ – مبدأياً – خيار الحرب في إدلب ومحيطها، وجنب نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون من المدنيين المقيمين هناك، أزمة إنسانية، كانت لتكون مأساوية وكارثية، بحسب ما حذرت عدة دولٍ، بالإضافة للأمم المتحدة.
الاتفاق في مدينة “سوتشي” بعد القمة التركية الروسية، تحدث عن إنشاء منطقة منزوعة السلاح، على طول نقاط التماس، بين مناطق سيطرة الأسد بمحيط إدلب، والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية في إدلب ومحيطها، على أن يكون عرض هذه المنطقة ما بين خمسة عشر وعشرين كيلو متراً.
وقال الرئيس الروسي في ختام قمة سوتشي، أنه بحث ونظيره التركي، الوضع بالتفصيل في إدلب، وقرر الجانبان إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 – 20 كيلومتراً على امتداد خط التماس بين المعارضة المسلحة والقوات “الحكومية” بحلول 15 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، متحدثاً عن أن هذه المنطقة ستكون خالية من الجماعات المتطرقة، وأنه من المقرر أن يعهد إلى الجانب التركي بعملية نزع الأسلحة من هناك، وكذلك فإنه جرى الاتفاق على فتح الطرقات الدولية بين حلب واللاذقية وحلب وحماه قبل نهاية العام الجاري.
من جهته، قال الرئيس التركي بعد القمة أن المعارضة السورية – وفق الاتفاق – ستبقى في أماكنها، وأن بلاده ستضمن عدم نشاط المجموعات الراديكالية في منطقة خفض التصعيد بإدلب ومحيطها، مؤكداً أن الاتفاق جنب إدلب كارثة إنسانية كبيرة.
كما تحدث الرئيس التركي، أن جيش بلاده والجيش الروسي، سيُسيران دورياتٍ في حدود المنطقة منزوعة السلاح التي تم الاتفاق عليها، بحيث سيشرف الجيش التركي الذي له 12 نقطة مراقبة في إدلب ومحيطها، على الجانب الذي تسيطر عليه المعارضة السورية في شمال غربي سورية، بينما يتولى الجيش الروسي، الإشراف على الجانب الخاضع لسيطرة نظام الأسد.
وتبقى التفاصيل التنفيذية لهذا الاتفاق غير مُحددة بدقة حتى الآن، إذ أن لجاناً تقنية روسية وتركية، ستعقد اجتماعاتٍ لوضع خطط تنفيذ الاتفاق.
وبينما اعتبرت عدة أطرافٍ في المعارضة السورية، أن الاتفاق قوض آمال نظام الأسد بالدخول إلى إدلب، فإن مصادر إعلامية موالية له نقلت عن مصادر روسية قولها، أن الاتفاق يتألف من ثلاثة مراحل، تبدأ بإنشاء منطقة منزوعة السلاح، وتتبعها مرحلة نزع السلاح الثقيل، وتنتهي بفتح الطرقات الدولية ودخول مؤسسات “الدولة السورية” إلى مناطق شمال غرب سورية.
وأعدَّ مراسلو “وطن اف ام” استطلاعاً للرأي، تم بثه خلال حلقة اليوم من برنامج “في العمق”، حيث تم توجيه سؤالٍ لسوريين وسوريات، داخل البلاد وخارجها، عن تقييمهم ورؤيتهم للاتفاق في سوتشي وأبعاده، ورحبت معظم وجهات نظر المشاركين/المشاركات في الاستطلاع بالاتفاق، لكنها تباينت حول أبعاده.
واعتبر ضيف حلقة اليوم، مصطفى سيجري، وهو مدير المكتب السياسي لـ “لواء المعتصم” التابع للجيش السوري الحر، أن ” الدبلوماسية التركية استطاعت التوصل لاتفاقٍ يفضي لبقاء (إدلب ومحيطها) بيد المعارضة، وتجنيب ملايين المدنيين ويلات الحرب، بعيداً عن الصياغة أو الإخراج النهائي لهذا الاتفاق. وقد لاحظ كثيرون من المتابعين، أن هناك حرصاً من الجانب التركي إن صح التعبير، لحفظ ماء وجه الجانب الروسي، لأن روسيا كان لها موقف متشدد وحازم، وكان لها هدف بدعم نظام الأسد والميليشيات الطائفية لدخول إدلب، ولم يكن للروس سابقاً إرادة بأن تبقى هذه المناطق خارج سيطرة الأسد”.
ورأى سيجري خلال الحوار، أن “هذا الاتفاق دفنَ أحلام نظام الأسد في دخول هذه المناطق، وإعادة إدلب وما حولها لنفوذه” معتبراً أن تركيا “تدرك بأن روسيا – لو دخلت إدلب – لن تكتفي بها، بل كانت ستمتد لتطالب بدخول مناطق غصن الزيتون ثم درع الفرات، ومن ثم سوف يلجئ نظام الأسد لإرسال مجموعات إرهابية لتنشط في الداخل التركي” حسب قوله، مضيفاً أن “لتركيا مصلحة في حماية مناطق شمال غرب سورية، من أجل أمنها القومي وأيضاً خشية تدفق أربعة ملايين مدني للداخل التركي، وكان سيحصل كارثة إنسانية لن يستطيع المجتمع الدولي تحملها”.
وتحدث سيجري خلال الحوار، أن “ما تحقق في سوتشي للمصلحة السورية، وحسب الرؤية التركية، هو بدايةً يفضي للحفاظ على هذه المناطق بيد المعارضة، وما تم تناقله بأن هناك سحب للسلاح، فإن هذا البند غير صحيح، فالجيش السوري الحر لا يمكن أن يسلم سلاحه لأي جهة كانت، ولم يُطلب منا من جانب الحلفاء الأتراك ذلك”.