تناولت هذه الحلقة من برنامج (شباب سوريا) موضوع ماهية مساهمة الشباب السوري في تحسين النظرة اتجاه السوريين في مجتمعات اللجوء.
فخلال ثماني سنوات اكتشف السوري في رحلة لجوئه، أن الحياة في خارج سوريا ليست وردية كما كانت تخيّل إليه وأنه بهجرته يحمل معه الكثير من الواجبات التي ستساعد في خلق بيئة اجتماعية نفسية سليمة بين السوريين والمجتمعات المستضيف.
بالرغم من الأعداد الكبيرة للسوريين في الخارج إلاّ أن بعض المجتمعات كانت متفهمة للوضع السوري والإستثنائي الذي يعيشه الشباب في الترنح بين الشرق والغرب وحتى ضمن الشرق نفسه أو الغرب نفسه، يضاف إليها المساعدة الكبيرة التي قدمتها بعض الدول لمساندة العائلات وذلك عن طريق دمجهم في المجتمع بشكل تسلسلي لا يسبب الفوضى في ويأمن انخراطا تدريجياً لهم في فهم البيئة الجديدة.
فكانت تلك المجتمعات واعية ومثقفة إلى درجة كبيرة في قضية اللجوء واللاجئين وكيفية التعامل معهم وهي ميّزة تحسب لصالح الغرب الذي بدأ باستقبال اللاجئين منذ ستينات القرن الماضي، هذا التاريخ منح شباب الغرب فكرة كاملة عن الأحوال النفسية والإجتماعية للاجئ وبالتالي محاولة الإحاطة بها بأسرع وقت ممكن لتحويل اللاجئ إلى فرد يعطي ويبني مجتمعه الجديد.
الحالة في الشرق لم تكن بهذه السهولة إلى جانب عدم ادعائنا بأن الغرب كان كاملا أيضاً، لكن يبقى الرمد أفضل من العمى، لذلك كان الشباب السوري في تركيا والدول العربية أمام تحديات مختلفة عن القسم الغربي، فالمجتمعات العربية لم تعرف حالة النزوح واللجوء من مجتمعات معاكسة لها بالثقافة والدين أو العرق،
بينما كانت الرحلة السورية إلى أوروبا وتركيا محفوفة بالمطبات التي وقع على عاتق الشباب السوري إصلاحها لخلق الصورة الواجب أن تكون حول اللجوء واللاجئين، فالعدد الكبير للمهجرين السوريين وعمر الأزمة الطويل ساهما في تغير بعض المجتمعات لموقفها تجاه الحالة السورية، وهذا ما خلق صداماً كان على الشباب أمر إصلاحه وتغيير تلك الصورة النمطية للمهجرين السوريين في ربطهم بالفقر والمخيمات والقتل وغيرها من الأمور السلبية التي لا يمكن نكران حدوثها من قبل بعض السوريين.
لكن، ومع التضخيم الإعلامي وعدم القبول الضمني بالتواجد السوري في بعض البلدان يضاف إليها استغلال بعض الأطراف للحالة السورية للترويج لنفسها أو لدحر معارضيها، كل هذا ساهم في زيادة الشرخ الذي ما برح الشباب السوري يحاول إصلاحه على مدى عمر الأزمة،
فرغم كل تلك التحديات نجح الكثير من الشباب في إتمام دراستهم بدرجات تفوّقوا فيها أحياناً على أبناء البلد المستضيف حتى، أو كان تغيير تلك الصورة من خلال العديد من المشاريع التي قاموا بها في أوربا وتركيا ومصر وحتى في لبنان والأردن.
وعي الشباب بضرورة تغيير الصورة السلبية عن اللاجئين جاء بعد سنواتٍ من الأزمة، لأن البدايات لم تكن بتلك الصعوبة بالنسبة للمجتمع المستضيف كونهم كانوا على يقين بانتهاء الحرب قريباً ولقلة الأعداد المهاجرة خلال السنوات الأولى، لكن الأمر بدأ بالتصاعد تدريجياً إلى أن وصلنا إلى حالة من الاحتقان والتوتر أجبر فيها بعض السوريين على العودة إلى بلادٍ لم تعد تمّت لصلة بالبلدان على البقاء في بلاد يحاسب فيها السوري على كل شهيق وزفير.
كل ذلك الاحتقان يمكن القول بانضباطه من خلال عمل الشباب السوري المتواصل على إثبات نفسه وقدرته على الإنتاج التي تبعده عن السؤال، فالانخراط في تلك المجتمعات وتعلم عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم ساعد في تخفيف تلك الحدة لدى الكثيرين وتغيير نظرتهم إلى اللاجئ من زاوية ضيقة إلى مساحة أرحب يكون فيها السوري جزء من عملية البناء التي لم يستطع إتمامها في بلده الأول.