أونال تشيفكوز – العلاقات الروسية الأميركية ومستقبل الشرق الأوسط وتركيا ( مترجم )

كان العديد من المراقبين يعتقدون بأن العلاقات الأميركية الروسية بدأت بدخول شهر العسل بسبب التصريحات التي كان يدلي بها دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية واستمراره بها من بعد انتصاره بالرئاسة الأميركية لفترة قليلة.

وكان لهذا الاعتقاد مدافعين من المراقبين السياسيين المتحمسين لدخول النظام العالم إلى عملية انفراج جديدة تشهدها العلاقات الأميركية الروسية وكان هنالك أيضاً في الطرف الآخر من هم ضد هذه النظرية.

وبدأ بعد فترة قصيرة أصحاب نظرية دخول العلاقات الثنائية بفترة شهر العسل بالاختفاء تدريجياً وكانت حجتهم أنه سيتم الذهاب نحو استقطاب جديد يقع بين هذين القوتين العظيمتين وبدأ بعضهم يسمون هذا الرأي بأنه “أصوات خطى حرب باردة جديدة”.

أما من كانوا ضد هذه النظرية رأوا إن اختيار ترامب للعسكريين ووضعهم حوله في مناصب صناعة القرار في الدولة يدعم نظريتهم وكان من بين الشخصيات البارزة التي تم اختيارها وزير الدفاع ماتيس ومستشار الأمن القومي ماك ماستر.

ويرى من كان قد مارس مهامه في منطقة الشرق الأوسط والقادة الموجودين في الإدارة الجدية عند تقييمهم للحالة الأمنية وللسياسة الخارجية أنه يجب على المعايير الأساسية أن تكون متضمنة تعزيز محاربة تنظيم داعش ويجب ألا نكون متسامحين مع إيران بالشكل الذي كان بتصرف به أوباما ويجب أن نكون حذرين وأن نضع مسافة في التعامل مع روسيا.

وعند النظر إلى الموضوع من هذه الزاوية سيكون من غير الصعب فهم أن الولايات المتحدة وعلى الرغم من كل تصريحات ترامب لا تستطيع أن تعيش بشهر عسل مع روسيا.

في بعض الأحيان تتطور العلاقات الدولية بشكل سريع وبعض الأحيان أيضاً تحتاج إلى مرور وقت ولتطورات تتقدم بشكلٍ تدريجي.

والعلاقة بين روسيا وأميركا لا يمكنها أن تتقدم نحو عملية جديدة ومختلفة من توصيف الرئيس ترامب لها فقط فحدوث هكذا تحول بهذا الشكل الكبير من السرعة مرتبط بحدوث العديد من التطورات.

التطور الأول هو التحقيق الذي أقيل بسببه رئيس السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالية وعلى ما يبدو أن التحقيق بدأ في الولايات المتحدة وبدأ بالتعمق أكثر وأكثر وبدأ يتسارع في كسب الأهمية حيث يدور التحقيق حول علاقة بعض الشخصيات في إدارة ترامب مع روسيا ويحوي على معلومات تفيد بتدخل روسيا في الانتخابات الأميركية حيث كان لترامب دور في التستر على هذا التحقيق وعرقلته بدلاً من تسهيل حركته ومع دخول العلاقات الأميركية الروسية بأجواء إيجابية من بعد ما تم اختيار ترامب لرئاسة الولايات المتحدة بدأت الأجواء السلبية تدور في العلاقات الثنائية كلما تقدم هذا التحقيق.

أما التطور الثاني فهو اثبات الولايات المتحدة موقفها من إيران أسرع مما كان المتوقع فعلى الرغم من توقيع اتفاقية النووي مع إيران إلا أن متابعتها لتجاربها الصاروخية كانت تزعج أوباما ومع تحرك إدارة ترامب ضد هذا الوضع بدأت أيضاً بالتصعيد معلنةً أنه لن تكون صاحبة نظرة بناءة كما كانت في زمن إدارة أوباما.

الظن أن الأزمة الخليجية كانت قد ظهرت فجأة وتقيمها على انها تطور جديد وأنها من اجل تخفيف حدة التوتر بين قطر والمملكة العربية السعودية هو تقييمٌ ناقص.

فقراءة هذه الازمة على انها انعكاس مواقف السعودية والولايات المتحدة من النظام الإيراني يبدو واقعياً أكثر.

أما التطور الثالث فهو الملف السوري ففي الفترة الأخيرة كثر استهداف الولايات المتحدة لعناصر نظام الأسد عن طريق الخطأ والنظام يحاول الرد على هذه الهجمات عن طريق استهدافه لقوات سوريا الديمقراطية.

بعد أن كانت الولايات المتحدة قبل فترة قد صرحت عن أنها لا ترى بتنحي الأسد عن منصبه شرط “لا غنى عنه” من أجل مستقبل سوريا ورأى حينها بعض المراقبين ان الولايات المتحدة تحاول اغتنام فرصة لمساومة روسيا في سوريا.

أما عن التطور الرابع فهو موجود في محاربة تنظيم داعش فإن كل من عملية الموصل في العراق وعملية الرقة في سوريا بدأت تظهر مدى تضييق الخناق ومحاصرة التنظيم وفي هذه الحالة أن انتظار أن تكون الجغرافية المحيطة بمنطقة هذه المعارك صاحبة استقرار هو أمر مضلل عدا عن ملء الفراغ الذي سيتركه التنظيم هو عبارة عن بدأ معركة مائدة كردية سوف تقام.

مع الوقت عمل تركيا يزداد صعوبةً حيث أن دخول تركيا مع روسيا إلى ادلب من أجل فرض منطقة خالية الصراع هو محاولة من أجل الحفاظ على التوازن في أكثر الجبهات خطورة بين نظام الأسد وقوات المعارضة فكل العالم لديه علم عن نية النظام باقتحام مدينة ادلب والاستيلاء عليها وهنا يدور الفضول حول مدى إمكانية عمل تركيا مع روسيا التي لم تتمكن من الوصول إلى اتفاق مع الولايات المتحدة.

ومن ناحية أخرى إن التوازنات التي ستكون عليها فترة ما بعد ذهاب تنظيم داعش من مدينة الموصل هي غير واضحة المعالم وأما عن معركة الرقة فهل سيتم انسحاب قوات سوريا الديمقراطية منها أم لن ينسحبوا فهو أيضاً أمر غير واضح المعالم لذلك نستطيع أن نقول أن المشاكل التي بين الولايات المتحدة وتركيا لم تجد حلاً لها بعد.

والأزمة القطرية التي حدثت مؤخراً زادت من عدد الذين يؤمنون أنها ستكون مخيمة على اختلاف جديد في العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة ولم يعد هنالك رد مقنع حول المكان الذي اوصلتنا اليه تطبيق سياساتنا في الشرق الأوسط.

المصدر : حريات ، ترجمة وتحرير وطن اف ام 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى