علوم وتكنولوجيا

“غيلان باريه”.. مرض مميت ينتشر بين سكان دمشق

“غيلان باريه” مصطلح طبي تعرف عليه سكان دمشق لأول مرة خلال سنوات الحرب، بعد ارتفاع حالات الإصابة به إلى 24 حالة، أما أعراضه فهي الشلل المتدرج وفقدان القدرة على السير أو تحريك الأطراف، وأحيانا الموت، فيما لم يستطع الأطباء اكتشاف أسبابه إلا أنهم أكدوا انتشاره في أماكن سيطرة نظام الأسد، ضمن موجة الأوبئة المنتشرة في البلاد والتي أصبحت من مخلفات الحرب.

وكشف أطباء في دمشق عن توثيقهم إصابة 24 سورياً بمتلازمة “غيلان باريه” من غالبية الفئات العمرية خلال الآونة الأخيرة، مشيرين إلى أن هذا المرض العصبي يؤدي في الكثير من الحالات للشلل وفقدان القدرة على السير، مبينين أن هذه المتلازمة المميتة لأصحابها في بعض حالاتها شقت طريقها إلى دمشق بنسب مرتفعة عقب أسبوعين فقط من انتشار مماثل واسع الطيف لها في اللاذقية.

وتؤدي متلازمة “غيلان باريه” إلى تحطم النخاع لدى المصابين بها، فيما ينجو المصاب من الشلل الدائم في حال اكتشاف الإصابة به مبكرا، وعلاجه باستبدال البلازمة الدموية والخضوع للرقابة الطبية المشددة.

في الوقت الذي بين فيه مصدر إعلامي نقلا عن مصدر طبي في “مستشفى الأسد الجامعي” بدمشق، أن هناك شكوكا حول وجود صلة بين متلازمة “غيلان باريه” وفايروس “زيكا”، أوضح أن أسباب انتشار المتلازمة المؤدي للشلل ما زالت مجهولة تماما كما هي طريقة الإصابة به.

بدوره، صنف الطبيب في المكتب الطبي بغوطة دمشق الشرقية “أبو ياسر” المتلازمة ضمن أخطر الأمراض العصبية الذي يصيب كافة الفئات العمرية، لكنه كثير الانتشار بين الأطفال، كونه يؤدي إلى شلل بالمناطق المصابة ثم يتوسع تدريجياً ليصيب أجزاء الجسد المصاب.

وفسر “أبو ياسر” ذلك، بنقص المناعة في أجساد المصابين التي تعد أحد عوامل تفاقم انتشار المتلازمة، وفي كثير من الحالات لوحظ انتشار بعد الإصابات الناتجة عن الالتهابات الفيروسية “التهاب معدة والأمعاء”، وكذلك إبان الأعمال الجراحية الدقيقة.

انتشار متلازمة “غيلان باريه” في دمشق يعد الثاني من نوعه، بعد اكتشاف نظام الأسد لـ15 حالة مشابهة في اللاذقية خلال الأسبوع الأول من الشهر الماضي، حيث أكدت مصادر طبية في اللاذقية الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، بأن الشفاء الكامل للمصابين بالمتلازمة يعد أمر شبه مستحيل، حيث لا بد أن يترك آثار جانبية على المصابين به، خاصة في النطق أو الحركة والمسير.

وحول آلية المرض، نوه المصدر الطبي إلى انتشاره بشكل سريع في الجسد خلال أيام أو أسابيع عقب إصابة الأجزاء الأولى منه بالشلل، وقد لا ينتهي المطاف بالشلل الكامل فحسب، بل يتعداه إلى شلل في الجهاز التنفسي والوجه والبلعوم والفم.

واستطرد الطبيب قائلا: “إن وصول المتلازمة إلى الجهاز التنفسي يعني دخول المصاب مرحلة خطرة وحرجة قد تؤدي للوفاة، بسبب التخريب الذي يخلفه بالجهاز التنفسي، إذ إن المتلازمة تبدأ بالتهاب الأعصاب في الأطراف وتنتقل خلال فترة وجيزة لبقية الأجهزة في الجسم، وكلما تأخر اكتشافه تزداد الخطورة على المصابين به”.

وشهدت سوريا خلال السنوات السابقة انتشار العديد من الأوبئة والأمراض، خاصة مع استخدام المياه غير الصالحة للشرب، بالإضافة إلى رداءة المواد غذائية، وحصار النظام السوري للعديد من المدن والبلدات ما أدى لظهور العديد من الأمراض، بسبب شح موارد الحياة الأساسية في المناطق المحاصرة.

 

تعرف متلازمة غيلان باريه بأنها حالة مرضية نادرة وخطيرة تصيب الجهاز العصبي الطرفي الذي يشمل الأعصاب الواقعة خارج الدماغ والنخاع الشوكي، إذ يقوم فيها جهاز المناعة لدى الشخص بمهاجمة أجزاء من جهازه العصبي.

ولا يعرف السبب وراء الإصابة بمتلازمة غيلان باريه (Guillain-Barré syndrome)، ولكن 60% من المرضى يصابون بها بعد تعرضهم لعدوى بكتيرية أو فيروسية. ويعتقد أن العدوى تحفز جهاز المناعة على مهاجمة الأعصاب.

وفقا للخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة فإن المرض يصيب الرجال أكثر قليلا من النساء، وقد يحدث في أي عمر، ولكنه أكثر شيوعا لدى البالغين بين عمر 30 إلى 50 عاما.

 

الأعراض

تبدأ أعراض المرض في القدمين والساقين قبل الانتقال إلى الذراعين والساقين، وتشمل الأعراض التالية:

  • ألم.
  • تنميل.
  • ضعف متزايد في العضلات.
  • مشاكل في تنسيق الحركات، إذ يصبح الشخص غير قادر على المشي دون مساعدة.
  • الضعف يؤثر على جانبي الجسم، وقد يزداد سوءا خلال عدة أيام.

ويعتمد علاج متلازمة غيلان باريه على استهداف الأجسام المضادة التي ينتجها جهاز المناعة لمنعها من مهاجمة الجهاز العصبي، وعادة فإن غالبية المرضى يتعافون بشكل كامل، وقد يحتاج التعافي إلى أسابيع أو أشهر.

وفي بعض الحالات لا يتعافى المريض بشكل كامل، ويقدر أن 20% من المصابين بهذه المتلازمة يعانون من ضعف في العضلات بعد ثلاث سنوات من المرض، وقد تشمل المضاعفات مشاكل في التوازن والإحساس والحاجة إلى كرسي متحرك.

العلاقة مع فيروس زيكا
طرحت تساؤلات حول وجود علاقة بين عدوى فيروس زيكا والإصابة بمتلازمة غيلان باريه، ولكن وفقا للمراكز الأميركية للتحكم بالأمراض والوقاية منها فإنهم لا يعرفون ما إذا كانت عدوى فيروس زيكا تؤدي إلى الإصابة بمتلازمة غيلان باريه.

وتضيف المراكز أنه من الصعب تحديد سبب مرضي قد يقود إلى متلازمة غيلان باريه، مشيرة إلى أن وزارة الصحة في البرازيل سجلت زيادة في عدد الأشخاص المصابين بالمتلازمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى