يُعد إمضاء وقت ممتع مع الأطفال أمراً مهماً على الدوام، إلا أن دراسة حديثة توصلت إلى أن حيوية الآباء وحماسهم وتفاعلهم مع لعب أطفالهم هو عامل أكثر أهمية، وهو المفتاح الرئيسي لإدخال البهجة لقلوب الأطفال وتجنيبهم الإصابة بالاضطرابات السلوكية.
فقد أفاد باحثون بأن الأطفال المولودين لآباء يتمتعون بثقة عالية بالنفس ويتفجرون بالطاقة والحماس كانوا أقل عُرضة للإصابة بالاضطرابات السلوكية بعمر 9 أو 11 سنة.
يقول المعد الرئيسي للدراسة الدكتور تشارلز أوبوندو، الأستاذ بجامعة أكسفورد البريطانية: “يتعلق ذلك بالجانب النفسي والعاطفي من الدور الأبوي في تربية الأطفال، والذي يترك بالغ الأثر في سلوك الطفل لاحقاً”.
اشتملت الدراسة على أكثر من عشرة آلاف طفل، بالإضافة إلى آبائهم. ووجد الباحثون بأن سلوك الآباء القائم على المساهمة الفاعلة في تربية أبنائهم ودعمهم عاطفياً يُعد أكثر أهمية من الوقت الذي يُمضونه مع أطفالهم داخل أو خارج المنزل.
قام فريق البحث بتحليل بيانات دراسة بريطانية سابقة قامت بتتبع حوالي 15 ألف شخص منذ الولادة. وركز الباحثون على الإجابات التي قدمها آباء 10.440 طفلاً عاشوا مع كلا الأبوين عندما كانوا بعمر 8 أشهر.
ثم تتبعت الدراسة سلوك حوالي سبعة آلاف طفل بعمر 9 سنوات، وحوالي 6500 طفل بعمر 11 سنة.
أظهرت النتائج بأن العوامل الأكثر ارتباطاً بتحديد سلوك الطفل هي تلك المتعلقة بحماس الأب وثقته بنفسه حول دوره في تربية طفله.
وفي معرض التعليق على نتائج الدراسة، يقول الدكتور ماثيو لوربر، مدير قسم الطب النفسي للمراهقين بمستشفى لينوكس هيل بمدينة نيويورك الأمريكية: “من المفاجئ أن يكون مقدار الوقت الذي يُمضيه الأب مع طفله ذو تأثير أقل في سلوك الطفل لاحقاً، وأن يكون العاملَين الأكثر أهمية هما ثقة الأب بنفسه كأب، وإحاطة ابنه بالحنان والعاطفة عندما يتطلب الأمر ذلك”.
ويُضيف لوربر: “تدعم نتائج هذه الدراسة نتائج سابقة توصلت إلى أن خطر إصابة الطفل بالاضطرابات السلوكية يزداد إذا كان الأب يعاني من اكتئاب واضح في السنة الأولى من عمر الطفل، وذلك لأن الاكتئاب يُقلل من ثقة الشخص بنفسه ومن قدرة الأب على تقديم الدعم العاطفي الكافي للطفل”.
ويوافقه الرأي الدكتور فيكتور فورناري، مدير قسم الطب النفسي للمراهقين بمركز كوهين الطبي بنيويورك، إذ يعتقد بأن التزام الأب بدوره في تربية الطفل يُعد أمراً مهماً للغاية. يقول فورناري: “إن نشوء الطفل في كنف والديه الاثنين هو أمر لا يمكن تعويضه بأي شيء آخر. وإن غياب الأب عن مسرح رعاية طفله سوف يزيد من خطر إصابة الطفل بالاضطرابات النفسية والسلوكية المختلفة مع وصوله إلى سن المراهقة”.
جرى نشر نتائج الدراسة في الثاني والعشرين من شهر نوفمبر الحالي في المجلة الطبية البريطانية BMJ