غالباً ما نراها في برامج الخيال العلمي، تلك الأجهزة المخصصة للمراقبة الصحية والمدمجة في جسم الإنسان، والتي تقوم بتتبع كل ما يحدث في الداخل. هذه التكنولوجيا الخاصة لا تزال بعيدة. ومع ذلك، فإن إحدى التطورات الجديدة من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST) في المملكة العربية السعودية تقربنا من ذلك. حيث طور الباحثون إحدى العمليات التي تقوم بطباعة أجهزة كمبيوتر عالية الأداء وتعتمد على السيليكون في سطوح لينة ومشابهة للورق اللاصق، ولها القدرة على الاندماج مع السطوح غير المتناظرة في الجسم.
ويذكر بأن فريق الباحثين من قسم الهندسة والعلوم الرياضية والكهربائية والحاسوبية من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية – تحت إشراف محمد حسين – قد عمل على هذه التكنولوجيا التي تجعل من مواد السيليكون أكثر مرونة، مع الاحتفاظ بأدائها، ونُشرت هذه الدراسة في مجلة Advanced Material Technologies.
وأوضح حسين قائلاً: “نحن نحاول دمج جميع مكونات الجهاز – من مستشعرات والكترونيات إدارة البيانات والبطارية والهوائي – في نظام متوافق تماماً. ومع ذلك، يعدّ وضع هذه الوحدات المنفصلة على مادة أساسية لينة صعباً للغاية”.
الإلكترونيات اللاصقة
وقام الفريق بتحسين عملية طباعة أنماط الدارات بواسطة الحبر السائل من الجزيئات الموصلة إلى بعض المواد مثل البوليمرات أو السلولوز. وهذا ما يسمح بتجميع الجهاز على مواد مرنة بسرعة عالية وبتعبئة منخفضة التكلفة. كما أن التطبيق الإلكتروني للجلد الذي قاموا بتطويره هو عبارة عن مستشعر مع أشرطة ضيقة من رقائق الألمنيوم، والتي تقوم بتغيير موصليتها الكهربائية اعتماداً على حالتها المرنة.
كما قام الفريق بطباعة هذه الإلكترونيات اللاصقة، باستخدام التقنيات ثلاثية الأبعاد التي تغلف رقائق وشرائح السيليكون في غشاء من البوليمر المدعوم بطبقة لاصقة. ولضمان أقصى قدر من المرونة، فإن هذه الأجهزة اللاصقة تستخدم ترانزستورات أكسيد الزنك النانوية عالية الحركة على رقائق السليكون، حيث يتم ترقيقها جميعاً إلى أبعاد ميكروية.
ويمكن للأطباء من خلال هذا الجهاز مراقبة مستويات نشاط المريض مثل أنماط التنفس. وكل ذلك بدون الإزعاج الناجم عن توصيل الأشياء الضخمة أو الثقيلة إلى الجلد. كما أن الجهاز ليس مخصصاً لأجسادنا فقط.
ويقول جالو توريس سيفيلا، وهو المؤلف الأول للنتائج وحائز على درجة الدكتوراه من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية: “يمكنك وضع اللصاقة المستشعرة للضغط على الإطارات لمراقبتها أثناء القيادة، ومن ثم نزعها ووضعها على الفراش لمعرفة أنماط النوم الخاصة بك”. ويشير حسين إلى أن الإلكترونيات اللاصقة – من خلال أدائها القوي وإمكانياتها التصنيعية عالية الإنتاجية – يمكن أن تؤدي إلى تطبيقات مبتكرة أخرى.
ويقول حسين: “أعتقد أنه يجب إضفاء الطابع الديمقراطي على الإلكترونيات، أي جعلها بسيطة التعلّم وسهلة التنفيذ. وتعدّ الالكترونيات اللاصقة خطوة صحيحة في هذا الاتجاه”.