سياسة

باحثان في العلاقات الدولية : اتفاق النووي الإيراني سيزيد التطرف السني الشيعي بالمنطقة

أكد باحثان في سياسات الشرق الأوسط والعلاقات الدولية، “أن الاتفاق المبرم بين إيران ومجموعة 5+1، أمس الثلاثاء، في العاصمة النمساوية فيينا، سيؤدي الى استمرار النزاعات العسكرية وازدياد التطرف السني الشيعي في الشرق الاوسط، الأمر الذي سينعكس حتمًا على لبنان”.

وتوصلت إيران ومجموعة (5+1)، أمس الثلاثاء إلى اتفاق حول برنامج طهران النووي، بعد أكثر من عشر سنوات من المفاوضات المتقطعة، يسمح لمفتشي الأمم المتحدة بمراقبة وتفتيش بعض المواقع العسكرية الإيرانية، وفرض حظر على توريد الأسلحة لإيران لمدة خمس سنوات.

وقال مدير “مركز فارس لدراسات شرق المتوسط”، في كلية فلتشر في بوسطن الأمريكية، “نديم شحادة”، للأناضول” إن هذا الاتفاق لن يؤدي إلى سلام في المنطقة بل سيجعلها في حالة حرب”، مشددًا على أنه “سيؤدي إلى تقوية التطرف في الجهتين (السنية والشيعية)، وسيضعف حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة خصوصا السعودية والأردن والأخير في موقف حرج جدًا”.

وأوضح شحادة أنه “بالنسبة لي هناك قاعدة بسيطة: إذا كان الهدف إراحة المنطقة من الصراعات وتحقيق السلام فيها فلا يجب السماح بتغلب السنة على الشيعة أو بالعكس، بل يجب التخلص من الحرس الثوري الإيراني وداعش في الوقت نفسه”.

ورأى الباحث اللبناني، “القتال بين الحرس الثوري وداعش أدى إلى تقوية الطرفين وجعل كل منهما يكتسب شرعية”، مشيرًا إلى أن كل من هذين الطرفين “سيصبح اقوى ليس من الآخر بل تجاه منافسيه المعتدلين في بيئته وهكذا نرى أن الحرس الثوري يسيطر على العراق ويقوّض نفوذ مرجعية النجف والمرجع السيد علي السيستاني بينما يحقق داعش مزيدًا من النفوذ في المنطقة على حساب السعودية والأردن”.

وتطرق إلى تأثيرات الاتفاق على لبنان، فشدد على أن “لبنان يتأثر دائما بما يجري في المنطقة وبالتأكيد لن يشهد أي استراحة لأزماته مع اشتداد التطرف في المنطقة”، موضحًا أن “لبنان حاليًا هو بمنأى عن الأحداث الإقليمية إلى حد ما بسبب مظلة اقليمية ودولية، وأيضا بسبب ثقافة داخلية في البلاد لا تريد إعادة تجربة الحرب الاهلية”.

لكنه أضاف أن “الاتفاق في أحسن الحالات سيبقي الوضع في لبنان على ما هو عليه إن لم يدفعه نحو المزيد من التأزم”.

وانتقد شحادة الاتفاق النووي لأنه “يشكّل دعما للحرس الثوري داخل ايران وفي المنطقة أيضا”، وقال إنه “إذا كان هناك إيرانيين كانوا يأملون بالتخلص من الحرس الثوري الذي يحتل بلدهم ويترك هامشًا صغيرًا فقط للعمل السياسي، تمامًا كحزب الله في لبنان، فإن حلمهم تبخر الآن”.

من جانبه، الباحث في تاريخ العلاقات الدولية والمرشح لنيل الدكتوراه من كلية التاريخ بجامعة جورج تاون الأميركية، “مكرم رباح”، فشدد على أن “هذا الاتفاق لا يعني تقديم المنطقة لإيران على طبق من ذهب على غرار الطريقة التي أعطي فيها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد نفوذًا في لبنان والمنطقة بعد اتفاق الطائف” الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990 برعاية سورية”.

ووصف رباح الاتفاق بأنه “نصر إعلامي ودبلوماسي وليس عسكريًا”، موضحًا أن “الاتفاق محصور فقط بالملف النووي الايراني”، مشيرًا إلى أن “مجموعة 5+1 رفضت إدراج أي بند غير الملف النووي الإيراني في المباحثات وبالتالي هو لا يعني مكاسب تلقائية على الأرض لإيران”.

وأكد الباحث رباح “أنه نتيجة لذلك فإن الإيرانيين ما زالوا مضطرين لاستخدام السلاح والقوة لتحقيق مكاسب إقليمية وتحديدًا في اليمن والعراق وسوريا”، وأوضح أن “قواتها في حالة انتشار كبير، وهم متعثرون عسكريًا وفي قتال مستمر على أكثر من جبهة في سوريا لتعويض نقص قوات الأسد وانسحاب الميليشيات الشيعية العراقية، وكذلك هم مضطرون للتدخل في اليمن وغيرها”.

وأردف رباح “أن الإيرانيين كانوا يريدون رفعًا فوريًا للحظر على الصواريخ والأسلحة الباليستية، بينما نص الاتفاق على تأجيل حصول ذلك إلى فترة 5 و8 سنوات”، مضيفًا أن “الأنظمة القمعية مثل إيران لديها سجل سيء في الالتزام بالاتفاقيات الدولية”.

وأوضح الباحث في تاريخ العلاقات الدولية أن “الحديث عن أن هذا الاتفاق يتيح لإيران تحسنًا في أوضاعها الاقتصادية ينعكس زيادة في قوتها العسكرية في المنطقة غير صحيح، فالسلطة السياسية أو العسكرية غير مرتبطة بتحسن الميزانية المالية، وأكبر دليل على ذلك السعودية التي املك قوة مالية واقتصادية كبيرة لكنها لم تستطع ان تترجم ذلك إلى نصر عسكري”.

وأقر بأنه “يمكن لهذ الاتفاق أن يريح النظام الإيراني بالنسبة داخليًا، لكنه طالمًا احتفظ هذا النظام بمطامع توسعية امبريالية فنظامه الاقتصادي مهمًا كان قويًا لن يلبي تطلعاته”.

ورأى رباح أن “أوباما اعتمد سياسة منفرة تؤدي إلى خصومة مع الأنظمة السنية في المنطقة وأعني العربية تحديدًا لأنه مهتم بتسجيل هذا الاتفاق كإنجاز ضمن إرثه الرئاسي، لكن أي رئيس بعده سواء كان جمهوريًا أو ديمقراطيًا سيعتمد بالتأكيد سياسة انفتاح مع السنة من خلال حوار شامل لإعادة تحقيق التوازن في المنطقة”.

المصدر : الأناضول

زر الذهاب إلى الأعلى