تواجه المخيمات المنتشرة في مختلف قرى ريف حلب الجنوبي ظروفاً إنسانية صعبة وأوضاعاً قاسية، نتيجة تردي الواقع الخدمي والعشوائية في ظل غياب المؤسسات والمنظمات الإنسانية المسؤولة عن تلبية احتياجات النازحين والمهجرين.
ومع دخول فصل الشتاء، يعود الحديث عن أوضاع النازحين والمهجرين المقيمين في مخيمات ريف حلب الجنوبي، نظراً لما واجهته العائلات النازحة الشتاء المنصرم، واستمرار الواقع الإنساني والمعيشي المتردي، الذي يزداد سوءاً في هذه المخيمات بسبب انعدام الخدمات، وشح المساعدات الإغاثية والمادية المقدمة للنازحين من قبل المنظمات المدنية.
تجمع “ناحية الزربة” الواقع على طريق “دمشق_حلب” الدولي، والذي يضم “خمسة مخيمات” تؤوي مايقارب “ألف ومئتي” عائلة نازحة ومهجرة من مختلف المناطق السورية، يعتبر مثالاً على سوء حال مخيمات الريف الجنوبي، فقد كان من بين التجمعات التي شهدت كوارث إنسانية الشتاء الماضي.
ويعيش المقيمون في مخيمات “ناحية الزربة” أوضاعاً كارثية، في ظل انتشار الأوبئة و انعدام أدنى مقومات الحياة، وليس انتهاء بشح المساعدات الانسانية التي تقدم مرة أو اثنتين كل عام، نتيجة تجاهل المنظمات الإنسانية والمؤسسات الثورية للمنطقة، كما يقول الأهالي والمسؤولون.
غياب كل ماهو مرتبط بمقومات الحياة
“أبو جمعة” كما فضل التعريف عن نفسه، وهو أحد مقيمي مخيم “الدواجن” في بلدة الزربة، حاول تلخيص معاناة قاطني المخيم التابع إدارياً للمجلس المحلي لناحية الزربة، دون إطالة أو شرح، بعد أن كثر الحديث عن معاناتهم دون وجود أي تحسن أو ردة فعل من قبل الجهات المعنية.
وقال “أبو جمعة”: “خيام حقيقية يمكن الإحتماء بها من برد الشتاء أو أمطاره معدومة، لايوجد مياه صالحة للشرب ومياه الغسيل قليلة، لايوجد كهرباء، مجاري الصرف معدومة، انتشار البرك الطينية صيفاً شتاءً، الأوبئة منتشرة باستمرار، من “اللشمانيا والقمل إلى الإلتهابات الحادة”، وقلة الأدوية، حتى أننا أصبحنا نخجل من التوجه إلى مسؤولي المخيم لمعرفتنا المسبقة بقلة حيلتهم”.
وأضاف: منذ أيام شهدت المنطقة عاصفة رملية لم تكن بالقوية، لكنها تسببت بتطاير العديد من الخيام وتمزق أخرى، وهذا يدل على ضعف واهتراء الخيام، فكيف لنا أن نعيش داخلها خلال موسم الشتاء وننتظر حمايتها لنا من البرد والرياح والأمطار.
مناشدات دون استجابة
غياب المنظمات المدنية والمؤسسات الثورية من مجلس محافظة حلب الحرة أو الحكومة المؤقتة، وضع مسؤولي مخيمات ناحية الزربة في حيرة من أمرهم، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء ومايحمله من ضرورة الإسراع في تأمين المستلزمات الشتوية من محروقات ومساعدات للمدنيين.
“شعبان الأحمد” رئيس المجلس المحلي لبلدة الزربة يقول: لانعلم كيف سنواجه الشتاء القادم، فحتى اللحظة لم تقدم لنا أي جهة أو منظمة مواد للتدفئة، والأهالي لم يعد لديهم مايحرقونه هذا الشتاء، وعلى الرغم من طرقنا أبواب المنظمات وتوجيهنا مطالب للمؤسسات الثورية، إلا أننا لم نجد آذاناً صاغية من قبلهم.
شعبان يشير في الوقت ذاته إلى أن “آخر مرة قدمت للمجلس مساعدات إغاثية كانت قبل تسعة أشهر، بعد تكرار مطالبنا واستنجاداتنا للمنظمات، ولم يقدم بعدها أي مساعدات اغاثية أو غذائية”.
وعن أوضاع المخيمات يقول “شعبان الأحمد”: الأوضاع مزرية في المخيمات التابعة للمجلس المحلي لبلدة الزربة، فالخيام أصبحت بالية بعد مرور عامين على نصبها للمدنيين ولايوجد خيام بديلة، والخدمات تعتبر أولية، اذ نعتمد في الصرف الصحي على المجاري المحفورة يدوياً، ناهيك عن عدم وجود مرافق عامة للنازحين، إضافة إلى الطرق الغير معبدة التي تصعب من حركة التنقل.
وأضاف: على الرغم من محاولاتنا الحثيثة في تقديم الخدمات للنازحين وتطوير المخيمات، إلا أن هذه المحاولات لايمكن أن ترقى إلى حد التخفيف من معاناتهم، نظراً للإمكانيات الضعيفة وغياب الدعم اللازم للقيام بأي مشاريع حقيقية، كما أننا حاولنا تقديم مشاريع تطويرية لناحية الزربة بما فيها المخيمات للمؤسسات المعنية والجهات المانحة، لكن دون جدوى.
“خمسة مخيمات” تتبع إدارياً للمجلس المحلي لناحية “الزربة” في ريف حلب الجنوبي، وهي “الدواجن، الكماري، الكسيبية، المحطة والبوابية” تأوي أكثر من “ألف ومئتين وخمسين” عائلة نازحة ومهجرة من مختلف المناطق السورية، يعيشون أوضاعاً مأساوية منذ عامين، وينتظرهم شتاء قاس جديد قد يشابه شتائهم الماضي، الذي جرفت سيوله خيام المقيمين، وتسببت بغرق طفل، يكررون نداءهم اليوم طلباً للمساعدة دون توقع الكثير للأسف بسبب تجاربهم المخيبة مع الجهات التي يمكن التوجه إليها بالنداء.