حاصر عناصر من مخابرات الجيش اللبناني خلال ساعات ليل الخميس وفجر اليوم الجمعة، مستشفى “أوتيل ديو” في بيروت، وذلك بعد وصول عينات من جثث سوريين قتلوا بعد اعتقالهم من قبل الجيش في عرسال.
وكتبت المحامية اللبنانية ديالا شهدا التي تواجدت في مكان الحدث فجر اليوم، تفاصيل مطولة حول ما حصل.
وذكرت في منشور على صفحتها في فيسبوك، أن آخر عناصر مخابرات الجيش اللبناني المدججين بالسلاح انسحب من صرح المستشفى قبل ساعات، في محاولة لعرقلة تنفيذ “قرار قضائي معجّل نافذ صادر عن قاضي الأمور المستعجلة في زحلة الرئيس أنطوان أبي زيد”.
وأضافت: “القرار المعجّل والمحقّ، الذي استجاب فوراً لطلب تقدم به مكتبنا أمس بموجب وكالات قضائية عن ذوي كل من المواطنين السوريين المتوفّين مصطفى عبد الكريم العبسي، وخالد حسين المليص، وأنس حسين الحسيكي، قضى بتكليف طبيب شرعي محلّف، الجرّاح المخضرم ريمون خزاقة، بإجراء كشف طبي على جثث هؤلاء المودعة في برادات مستشفى زحلة الحكومي، وذلك لبيان سبب وفاة أصحابها”.
وتابعت: “طلبنا الكشف الطبي لأن التقارير الطبية الشرعية التي أجريت لهؤلاء بتاريخ ٢/٧/٢٠١٧، أي بعد أقل من ٤٨ ساعة على توقيفهم احتياطياً ضمن المداهمات الواسعة التي استهدفت مخيمات وبيوت اللاجئين السوريين في عرسال قبل أسبوع، والتي حصلنا على نسخ عنها أمس فقط بإذن من النيابة العامة العسكرية، خلصت إلى أن أسباب الوفاة طبيعية مئة بالمئة: جلطة قلبية، وجرحة قلبية، وجلطة دماغية، ولا آثار للعنف، هكذا. تقرير طبي شرعي اكتفى بصفحة ونصف عن كل وفاة”.
وعقبت المحامية حول تقرير الطب الشرعي بالقول: “أعتقد أنه من قبيل المعجزة الإلهية أن يموت ثلاثة أشخاص أصحاء بشهادة أسرهم ومعارفهم (بينهم ممرض تخدير لا يسكن أصلاً في المخيمات) في غضون ٤٨ ساعة من توقيفهم احتياطياً، وفي مكان واحد، ومن قبل جهة واحدة، جميعهم لأسباب طبيعية”.
وفي تفاصيل مع حصل لدى أخذ عينات جديدة من جثث القتلى، أكدت شهدا، أن “الطبيب المكلَّف من قضاء العجلة في زحلة قام بمهمته الأولية في برادات مستشفى زحلة الحكومي. كشف على الجثث، وقام بتصويرها، واستخرج عيّناتٍ منها، ووضّبها أصولاً، وكلَّف موظفاً طبياً بإيصالها معنا إلى مستشفى أوتيل ديو في بيروت”.
وذكرت شهدا، أنه “قبل قليل من وصولنا مع الموظف المكلَّف والعينات الموضبة إلى بيروت نزولاً من زحلة، اتصل بِنَا الطبيب المكلَّف. كان منفعلاً وطلب منا العودة بالعينات فوراً، قال إن رئيس النيابة العامة العسكرية القاضي صقر صقر خابره وأمره بعدم السماح بوصول العينات إلى مستشفى أوتيل ديو وبإعادتها لأنها، النيابة العامة العسكرية، هي المخوّلة بمنح إذنٍ كهذا”.
وتابعت المحامية في هذا السياق، بأنها اتصلت بالقاضي أبي زيد و”أبلغناه بما حصل فأجاب بأن قراره قانوني ويجدر الاستمرار في تنفيذه وبلّغ الموظف الذي معنا بذلك مباشرة على الهاتف”، ورغم ذلك جرت محاولات إيقاف التحقيق ما دفع الموظف المكلف بالمهمة إلى والذي كان يرافقها إلى الاستقالة من مهمته القانونية، و”طلب النزول من السيارة وسط أوتوستراد خطر”.
وأضافت :” وصلنا إلى مستشفى أوتيل ديو حوالي الساعة الحادية عشرة ليلاً. أبرزتُ لإدارة المستشفى أوراقي القضائية والرسمية والثبوتية، وباشرنا الإجراءات الإدارية لحفظ العينات في البرادات، نقلنا العينات الموضّبة إلى غرفة تسجيل الدخول وانتظرت مساعدتي هناك ريثما أتابع الإجراءات الروتينية”.
وبينت شهدا، أنه “فجأة، ظهر شابان” من مخابرات الجيش قالا إنهما مكلّفين ب”أخذ العينات بأي طريقة. أجبت: لديّ قرار قضائي يعلو على أي قرار، فردّ بأن قرار مخابرات الجيش هو الذي يعلو على أيّ قرار”.
وتطرقت بعد ذلك إلى ما جرى، عندما “تعرّض طبيب وموظفة في هذه الأثناء لترهيبٍ وتهويل بسبب إصرارهما (الصادق) بأن المستشفى لم يتسلَّم أي عينات، وسط احتقان مقنّع بتمالك النفس راح رجال مخابرات الجيش الذين تضاعف عددهم حتى زاد عن العشرة عناصر بالزي المدني داخل قسم الطوارئ يجرون اتصالاتهم ويلاحقون خطواتي، ومثلهم فعلت. هاتفتُ محامين وحقوقيين وناشطين ورجال أمن وإعلاميين. كان القاضي أبي زيد قد أغلق هاتفه، على ما يبدو تجنباً لأي ضغوط. في النهاية هاتفتُ المدعي العام التمييزي الرئيس سمير حمود الذي طلب إليّ تسليم العينات لمخابرات الجيش لأن القضاء العسكري، لا قضاء العجلة، هو المخول بإجراء تحقيقاتٍ كهذه، قال. طلبتُ إليه أن يأمر بحفظها في برادات أوتيل ديو مؤقتاً كي لا تفسد. أجاب بأنه سيتمّ حفظها في المستشفى العسكري”.
ولا يزال الجيش اللبناني يفرض تكتماً كبيراً على حادثة قتل 7 لاجئين سوريين في مخيم عرسال تحت التعذيب على يد عناصره، وأقر الجيش يوم الثلاثاء الفائت بوفاة 4 منهم، فيما تتزايد المخاوف من على مصير بقية المعتقلين، أو حدوث عمليات اقتحام جديدة.
ويرجح لاجئون سوريون في عرسال بحكم تعرض مخيماتهم لاقتحامات عدة منذ 3 سنوات، أن يكون جهاز أمني تابع لميليشيا “حزب الله” على صلة بالجيش هو من قتل اللاجئين جراء التعذيب الشديد الذي تعرضوا له. وقال اللاجئ الذي تحدث لـ”السورية نت” أنه فيما تم الاعتراف بوفاة 7 معتقلين، فهناك أنباء عن أن عدد المتوفين ارتفع إلى 10.
ويوجد في لبنان 1.5 مليون لاجئ سوري، بحسب تصريح لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، في مايو/ أيار الماضي.
وضيَّقت السلطات اللبنانية الخناق على اللاجئين السوريين وذلك من خلال شنِّ حملات اعتقالات يومية بحقهم ومداهمات لمخيماتهم بحجة عدم حيازتهم لأوراق ثبوتية واتهمت بعضهم بالانتماء للنصرة و”تنظيم الدولة”.
وطن اف ام