حذر بحث جديد من أن النساء المسلمات يعانين من مأزق مزدوج من التمييز الجنسي والديني يجعلهن يتعرضن للإساءة والتحرش في مكان العمل وعبر شبكة الإنترنت وفي الحياة العامة.
فقد وجد البحث أن المسلمات يواجهن عقبات كبيرة في مكان العمل، بما في ذلك التمييز المتعلق بفترة الحمل والفارق الكبير في الرواتب والتقييم العنصري فيما يتعلق بطلبات الحصول على الوظائف، بحسب تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية، الأربعاء 25 مايو/أيار 2016.
ويحمل التقرير عنوان “نساء منسيات: تأثير رهاب الإسلام على المسلمات في المملكة المتحدة”؛ وقد تم إعداده من قبل الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية والمجموعة البريطانية Faith Matter للتحقق من خبرات وتجارب المسلمات البريطانيات.
فقد وُجد أن المسلمات الحاصلات على شهادات جامعية يقل حظهن في الحصول على الوظائف مقارنة بالمسيحيات الحاصلات على نفس المؤهلات الجامعية. كما أنهن أقل حظاً في تلقي ردود على طلبات الحصول على الوظائف عن تقديم سيراتهن الذاتية.
ذكرت واحدة من بين كل ثماني نساء مسلمات، أنها قد سألت بصورة غير قانونية خلال مقابلة العمل عما إذا كانت تعتزم الزواج وإنجاب الأطفال، مقارنة بامرأة واحدة بين 30 امرأة غير مسلمة تعرضت لنفس التساؤل.
وعلاوة على ذلك، يقر واحد من بين كل أربعة أصحاب عمل، أنه يتردد في توظيف المرأة المسلمة نتيجة مخاوف من أن تمثل رعاية الأطفال مشكلة لهن على أساس العادات والأنماط الثقافية.
الحجاب
يشعر 43% من المسلمات في بريطانيا بأنهن “يُعاملن بصورة مختلفة أو يواجهن تمييزاً في مقابلات العمل بسبب كونهن مسلمات.
وترتفع تلك النسبة بين النساء اللاتي يرتدين الحجاب، حيث يشعر 50% أنهن “قد فاتهن فرص الترقي بسبب التمييز الديني وأن ارتداء الحجاب كان أحد عوامل ذلك التمييز”.
ويشير معدو التقرير إلى أن الحجاب يُظهر عقيدة المرأة بوضوح، وبالتالي يمكن استهداف من ترتديه جراء معتقداتها، مقارنة بالعقائد الأخرى التي ليس لها زي يميزها.
وكان التحرش اللفظي في الأماكن العامة من بين القضايا الشائعة التي أثارتها المرأة خلال الدراسة.
فقد ذكرت النساء أنهن تعرضن للبصق وحاول الأغراب إزالة حجابهن، وخاصة بعد الهجمات الإرهابية، مثل تفجيرات بروكسل واعتداءات باريس.
ووجدت الدراسة أيضاً أن التحرش عبر شبكة الإنترنت يمثل مشكلة أيضاً، حيث تستهدف الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي النساء المسلمات بسبب ارتدائهن الحجاب أو الملابس الدينية الأخرى.
ويشير معدو التقرير إلى أن “المسلمات يواجهن تمييزاً متعدداً عند البحث عن وظائف وفي الترقي في مجال العمل والمساواة بين الجنسين في الراتب. ويعد هذا التمييز المتعدد بمثابة توليفة قائمة على عوامل النوع الاجتماعي والعرق والدين.
وعادة ما تقع جرائم الكراهية في الأماكن العامة؛ وتتضمن إحدى الجرائم الأكثر شيوعاً البصق في وجه النساء اللاتي يرتدين حجاباً أو شد ملابسهن لنزع الحجاب. ويتم الصياح في وجه المسلمات ومطالبتهن بعدم قطع رؤوس البشر، في إشارة واضحة إلى ما يقترفه تنظيم داعش.
الحركة النسوية تهمشها
وذكرت عضو البرلمان عن حزب العمل تيوليب صديق أن نتائج التقرير توضح أن التمييز الناجم عن كراهية الإسلام لا يزال يمثل قضية ملحة وواسعة الانتشار ينبغي مواجهتها.
وذكرت صديق أنه يتعين على المؤسسات السياسية وحركات العدالة الاجتماعية، مثل الحركة النسوية، أن تضمن أيضاً عدم استبعاد أو نسيان المرأة المسلمة، وقالت “لا شك أنه يمكن تهميش الأصوات داخل أي حركة سياسية، مثل المرأة المسلمة داخل الدوائر النسوية، إلى حد استبعادها وتجاهلها نهائياً. وأعتقد أن الحركة النسوية لا بد أن تكون حركة لكل النساء، بغض النظر عن العقيدة أو الديانة”.
وأضافت أنه يتعين على الحكومة أن تكفل عدم تجاهل الأطر القانونية للقضايا الخاصة التي يمكن أن تواجهها المرأة المسلمة.
وقالت صديق “لا بد أن يكون لدينا إطار قوي لقوانين مناهضة التمييز من أجل ضمان ألا يصبح لدينا نظام معاملة مزودج المعايير. ولتحقيق سبل الحماية المناسبة، قد يكون من الصعب تحديد كل وجه من أوجه الاختلاف، سواء كان ذلك الاختلاف يتعلق بالملابس أو غيرها. ومع ذلك، ينبغي ألا تتجاهل القوانين التي تحكم مكان العمل أي شخص.
فمن الممكن أن يكون هناك قوانين تحمي كافة الموظفين، وذلك هو ما ينبغي أن نسعى وراء تحقيقه. وبعيداً عن التعديلات التشريعية، فمن الواضح أنه يمكن إحداث تغيير ثقافي من خلال إدخال تعديلات على التدريبات المتعلقة بالمساواة والتنوع في مكان العمل”.
ويعيش في المملكة المتحدة نحو 2.7 مليون مسلم. ويعد متوسط أعمار المسلمين أقل من تعداد السكان بصفة عامة، حيث تقل أعمار 49% من النساء البريطانيات عن 25 عاماً.
المصدر : هاف بوست عربي