أجرى مركز “صن يات صن” للأبحاث مطلع الشهر الجاري دراسة استقصائية حول اهتمامات فئة الشباب بين 18 وأربعين عاما داخل المجتمع الصيني، وطبيعة الكتب والمواضيع والأخبار التي يتابعونها، وعدد الساعات التي يقضونها في القراءة وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي الصينية.
وأظهرت الدراسة التي أجريت على نحو خمسمئة ألف شخص في أكثر من مائة مدينة ومنطقة بـالصين -وفق مركز الأبحاث- أن 49.7% من المستطلعة آراؤهم يفضلون قراءة ومتابعة الأخبار الاجتماعية والفنية، وأن 32.4% يتابعون أخبار المال والأعمال، و6.1% يقرؤون الكتب الأدبية والثقافية، في حين أن الذين يتابعون أخبار السياسة لم تتجاوز نسبتهم 4%.
وحول معدلات القراءة، ظهر أن معدل متوسط القراءة للفئة المستهدفة بلغ 3.6 من الكتب الورقية في العام، أي بمعدل كتاب كل مائة يوم، في حين أن معدل التصفح الإلكتروني بلغ خمس ساعات في اليوم، أي ما يعادل قراءة كتاب في اليوم الواحد.
وخلص الباحثون في نهاية الدراسة إلى أن الشباب الصيني لايزال مهوسا بمتابعة أخبار الفنانين والمشاهير وتفاصيل حياتهم اليومية، واستدلوا على ذلك -إلى جانب النسب التي توصلوا إليها- بدراسة أخرى كان قد أجراها المركز الشهر الماضي في أعقاب طلاق نجمين صينيين على خلفية خيانة زوجية.
وأظهرت الأرقام آنذاك أن نسبة تداول خبر طلاق النجمين داخل المجتمع تجاوزت 70%، وقد طغت في حينه على أخبار البعثة الصينية التي شاركت في أولمبياد ريو دي جانيرو.
ظاهرة صحية
وتعليقا على نتائج الدراسة، أشاد عميد كلية الاقتصاد بجامعة جينان بنسبة الشباب الذين ينصبّ اهتمامهم على متابعة أخبار المال والاقتصاد، وأشار دونغ يي إلى أن ذلك يعطي انطباعا إيجابيا عن جيل يدرك ويعي قيمة ودور الاقتصاد في المرحلة المقبلة.
وحول انصراف عدد كبير من الشباب إلى متابعة أخبار الفنانين والمشاهير، اكتفى يي في حديثه لـالجزيرة نت بالتعليق على تنوع اهتمامات الشباب الصينيين معتبرا أن ذلك يمثل ظاهرة صحية في المجتمع.
من جهته، أشار الباحث بمعهد الدراسات في جامعة غوانغ دونغ إلى ما جاء من أرقام وبيانات في الدراسة التي نشرها “صن يات صن” وقال يان تشو للجزيرة نت إنها تمثل حالة مرضية تستدعي الوقوف عندها والبحث في أسبابها.
وقال تشو أيضا إن من المؤسف أن ينصب اهتمام الشباب الصيني على متابعة أخبار النجوم والفنانين. وأضاف أن مثل هذه النتائج تشير إلى مدى تأثير ما يسمى الغزو الثقافي الغربي على عقول الصينيين، وحذر من أن عدم الالتفات إلى هذه النتائج والتعامل معها بجدية قد يؤدي إلى حدوث تغيرات جذرية على الهوية الثقافية للصين في المستقبل.
جيل مهزوم
ويرى مراقبون أن الرقابة الشديدة التي تفرضها السلطات على المنشورات والكتب ومحركات البحث الإلكتروني -بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي- هي ما تدفع الشباب الصيني باتجاه آفاق ضيقة ومحدودة لا تعتبر ذات قيمة وجدوى.
وحذر خبراء صينيون من أن مثل هذه الممارسات من شأنها أن تخلق جيلا مهزوما مستكينا يسيطر عليه الخوف ويقتل فيه روح الإبداع والمبادرة.
يُشار إلى أن دائرة الإعلام والنشر بمجلس الدولة حظرت قبل أيام على وسائل إعلامها تداول الأخبار والمصطلحات والأعمال السينمائية التي من شأنها الترويج لنمط الحياة الغربية داخل المجتمع الصيني.
وكانت السلطات قد أصدرت يوم الـ26 من يوليو/تموز الماضي قرارا يحظر نشر أي تقرير أو مادة إخبارية ذات طابع سياسي على مواقع التواصل والصحف والمنصات الإلكترونية.
المصدر : الجزيرة نت