بحثت هذه الحلقة من برنامج “في العمق”، أهداف وأثر الرسالة التي وجهتها كل من ألمانيا وتركيا نيابة عن أربعين دولة، لمجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، تُسجل فيها اعتراض هذه الدول، على القانون رقم 10، الذي أصدره نظام الأسد في نيسان/أبريل الماضي، وأبدى حقوقيون سوريون وعدة دول، اعتراضهم على صيغة القانون، وتخوفهم من أن يستولي نظام الأسد على أملاك ملايين المُهجرين السورين لخارج بلدهم.
وينص القانون المذكور، على “إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية”. لكن ما يثير القلق في هذا القانون وفق حقوقيين سوريين، أنه صدر في أعقاب عمليات تهجيرٍ طالت مئات ألاف السوريين، من ريف دمشق ومناطق سورية أخرى مثل ريف حمص الشمالي، وقبل ذلك شرقي حلب وغيرها، إذ يتخوف مئات آلاف السوريين، من بعض مواد القانون التي اعتبروها غير بريئة، وخاصة تلك التي تطالب أصحاب الأراضي والعقارات، بضرورة تثبيت ملكيتهم خلال ثلاثين يوماً، الأمر الذي يعتبر مستحيلاً بالنسبة لمئات الآلاف وربما الملايين من السوريين الذين باتوا يعيشون خارج البلاد.
وقد نصت إحدى مواد القانون على أن تدعو الوحدة الإدارية خلال شهر من صدور مرسوم إحداث المنطقة التنظيمية، المالكين وأصحاب الحقوق العينية، بإعلان ينشر في صحيفة محلية واحدة على الأقل، أو إحدى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والموقع الإلكتروني لها، للتصريح بحقوقهم شخصياً أو عبر أقارب حتى الدرجة الرابعة أو بموجب وكالة قانونية، وفي حال عدم التصريح خلال المدة المصرح بها، ستصبح أملاكهم ملكًا للدولة.
ويعني هذا الكلام أن مئات ألاف السوريين الذين لهم أملاك داخل المناطق التنظيمية التي ستعلن لاحقاً، ربما يحرمون من أملاكهم، إذ أن القانون لم يأخذ بعين الاعتبار وجود الكثير من المالكين خارج سورية نتيجة التهجير، إضافة إلى عشرات الآلاف من المعتقلين، ومئات الآلاف ممن يدرجهم نظام الأسد على قوائم المطلوبين له أمنياً، وهؤلاء جميعاً سيتعذر أو يستحيل عليهم، أن يثبتوا ملكيتهم داخل المؤسسات والمديريات المختصة خلال الفترة الممنوحة له، وأقصاها شهر واحد.
مؤخراً، كان وزير خارجية الأسد وليد المعلم قد قال أن فترة الشهر سيتم تمديدها لعامٍ كامل، غير أن هذه التصريحات لم يتبعها صدور أي تعديلٍ رسمي للقانون رقم 10. وتصريحات المعلم هذه أتت بعد احتجاج دولٍ كثيرةٍ تحوي أعداداً كبيرة من اللاجئين على القانون رقم 10، ومن بينها لبنان وألمانيا وتركيا وغيرها. وقد أرسلت تركيا وألمانيا، قبل نحو عشرة أيام، شكوى رسمية للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وبالنيابة عن أربعين دولة من أعضاء الأمم المتحدة، حيال القانون رقم عشرة، والتداعيات التي تترتب عليه، من مصادرة نظام الأسد لأملاك السوريين اللاجئين خارج بلدهم.
واستضافت حلقة اليوم من برنامج “في العمق”، المحامي المختص بالقانون الدولي إبراهيم العلبي، وهو مدير البرنامج السوري للتطوير القانوني، حيث قال لـ”وطن اف ام”، أن “الرسالة التي أرسلتها تركيا وألمانيا بالنيابة عن الكثير من الدول، بعض هذه الدول لها صوتها في القضية السورية، ودول أخرى مثل رومانيا وسلوفاكيا وكرواتيا أيضاً، أتت هذه الرسالة الرسمية، ببداية الشهر السابع (تموز)، بعد ضجة أثارها القانون في المحافل الدولية إعلامياً”، مضيفاً أن مسؤولي بعض الدول “كانوا قد صرحوا عن اعتراضهم على هذا القانون، لتأتي هذه الرسالة بشكل رسمي.. كون أن ألمانيا وتركيا لديها العدد الأكبر من اللاجئين السوريين اللذين قد يتأثروا بهذا القانون، وكما نعلم أن الكثير من الدول التي لديها عدد كبير من السوريين تريد إعادتهم بشكل طوعي وآمن. والعودة تحتاج لممتلكات ومنازل كي يعودوا إليها، وهذا القانون أرعب هذه الدول التي سوف يصعب عليها إعادة هؤلاء اللاجئين إلى سورية”.
وحول ما إذا كانت التحركات الأخيرة قد تفضي لأي تغييرات على القانون، قال العلبي إن “هذه الرسالة سياسية أكثر من كونها قانونية، فالرسالة موجهة بشكل علني لنظام الأسد، لكنها موجهة أيضا لداعميه مثل روسيا وإيران.. والفكرة هي أن تعديل القانون أو التأثير بالقانون محلياً، هو أمر يعود للنظام. أما مدى الاعتراف بالقانون دولياً يعود للدول، فإذا أرادت الدول الاعتراف بهذا القانون فإن تأثير الاعتراضات السياسية سنشهده إذا حصل انتقال سياسي“.
وفيما يتعلق بحديث وزير خارجية الأسد وليد المعلم، عن تمديد فترة تثبيت الملكية من شهر لسنة، اعتبر المحامي المختص بالقانون الدولي أن هذا “كلام سياسي فقط”.
وأجرى مراسلو “وطن اف ام” استطلاعاً للرأي، تم بثه خلال الحلقة، وتحدث فيه المشاركون، بوجهات نظرٍ متباينة حيال تحركات بعض الدول، بهذا الشأن، حيث اعتبر بعض المشاركين، أن التحرك شكلي، ولن يستطيع أحد الضغط على نظام الأسد لإلغاء القانون، والبعض قال أن هذه التحركات قد تنجح لان هناك إرادة دولية بشأن إعادة اللاجئين لسورية.
وبالعودة لما ذكره ضيف حلقة اليوم، المحامي إبراهيم العلبي، فقد أضاف بأن “القانون عندما ينظر إليه، فهو قانون متماسك ليس فيه إشكاليات كبيرة باستثناء المدة. القانون بحد ذاته ليس مشكلة، المشكلة هو عند النظر للقانون في السياق. والسياق هو أن القانون جاء في وقت هُجرَ فيه الناس من بيوتهم، ولا يمكنهم العودة إليها، وسياق آخر هو أن حتى أقارب المالكين قد يتعرضوا للاعتقال والتعذيب، مع سياق حديث مثل جميل حسن (مدير المخابرات الجوية) عن تصفية المعارضين وعدم السماح لهم بالعودة”، معتبراً أن الضغوط بالمحصلة جعلت “نظام الأسد خائف (ويستخدم لغة القانون للرد على الانتقادات) لأنه يعلم أنها لغة مجدية”.
ويمكنكم الاستماع إلى التسجيل الكامل للحلقة، من خلال الضغط على الرابط في الأسفل: