عبد الناصر القادري – عالمٌ مجنون

عالمٌ مجنون .. يبدأ نهاره بالعتمة على غير الصباحات، نسمع صوت فيروز تغني خبطة قدمكن على الأرض هدارة فنبصق بدل أن ندندن معها كعادتنا ، نبصق على تلك الصدارة التي تمارس خنوثتها على اللاجئين العزل وساديتها وأمراضها النفسية على المعترين والدراويش ، في حين يمسح صبيان الضاحية الإيرانية بكرامتهم المفقودة شوارع الأشرفية وقريطم إلى شواطئ الروشة .. حيث تصبح بيروت جميلة ساكنة وكأنها باريس العرب ، لكن آنى لباريس أن تحتمل تربية جيشها ومخابراتها على دين البعث ، حينها ستكون فرع فلسطين ولكن مع إطلالة بحر .. وشهداء قتلوا تحت التعذيب..

عالمٌ مجنون ظُهرهُ حُمّى، ربما لهيب السعودية قدرٌ من الله، فالنفط ترافقهُ الحرارة، لكن لطالما غابت عنه الحكمة أيضاً ، وأفقدت أعراب الصحراء منفقي المليارات على مناسف الانقلاب باللحم والدم كرمهم المعروف والتي تغنت به العرب .. ليصدر كل يوم قرار يجعل المقيمين في المملكة العائمة بالنفط لاهثين ليخرجوا منها ، فهم لا يعيشون في سويسرا وجنانها ، ولا يرون رفاهية أمريكا وتقدمها ، فهل يعقل أن يدفع المعيل ثمن الغبار الذي يستنشقه أطفاله على مدار العام .. كم هو بائس إذاً ..

عالمٌ مجنون .. يصيح أتراك قلة بضرورة طرد السوريين نحو بلدهم لخطأ ارتكبه فرد من ثلاثة ملايين منهم أو عشرة أفراد ربما بينما يعيش البقية دون أن يزاحموا على أوكسجين الله في أرض يورثها لمن يشاء ، في بقعة يقال أن عشرات الآلاف من أجدادهم رووا ترابها مطلع القرن العشرين في أتون حرب تدفع عن أكبر سلطنة معركة أفولها ، فكان الشهيد يتلو الشهيد وأغلبهم من الشام وحلب ، نعم لهؤلاء ذاكرة سمك أو عنصرية قرش فالبحر على اتساعه لي وحدي، بالإضافة لاقتصاد زادوا من عجلته الربحية فهم يعملون يستهلكون يأكلون ويشربون والمواصلات يركبون ويدفعون ولو كان للهواء ثمن لما بخلوا في سبيل حياتهم .. أيّ عنصرية تنامت في زمن التويتر والفيسبوك ليس على أيٍ منهما ” ولا تزر وازرة وزر أخرى” ..

عالمٌ مجنون .. بالإرهاب ، على فظاظة الكلمة وشدتها ما أسخفها اليوم ، فهي تهمة من لا تهمة له ، والذنب الذي قُبحت أعذاره فلم يبقى ذنباً بل تضاعف حتى صار جريمة ، فالأخ يحاصر أخاه ، لنفس التهمة .. إرهاب، وكأن البقية دعاة سلام و محبة ، يتساءل الناس كيف يتهم الراعي الحصري للانقلابات العسكرية وسجون الرأي و صحافة أولاد الشوارع غيره بالإرهاب وتمويله ..

عالمٌ مجنون.. يحكمه ترامب أو المغرد ترامب.. من يرى بالإرهاب كابوسه الليلي الدائم، أو لأنه ممولٌ لحملته الانتخابية القادمة، إيران وجهته، ويحاربها ليلاً ونهاراً على تويتر ، بوتين عدوه الأغلى ، سلمان صديقه الأكرم، بن زايد حليفه الشيطان ، تميم وغازه وجزيرته المصيبة التي وجب التخلص منها.

عالمٌ مجنون فيه بشار الأسد ذيل كلب يعاد تأهيله بعد أنهار دم ، وسيسي يمارس عتهه المضارع المستمر في كل مكان ، وابن القذافي طليقاً ، ومحمد بن زايد يبني مع الأبراج عداوات مع كل مسلم. 

عالمٌ مجنون.. مساءهُ نهار .. يمسي فيه المرء إرهابياً ويصبح من دعاة الإنسانية ، ويصبح إرهابياً ليمسي من موظفي الصليب الأحمر ..

وطن اف ام 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى