في العام 1966 ولد الشاعر الكوبي والصحفي والفنان التشكيلي عمر بيريز في العاصمة هافانا، وتخرج في الجامعة دارساً الأدب الإنجليزي، ولكنه لم يكن يعلم مَن هو والده..
وفي عامه الخامس والعشرين وقد صار شاعراً، علم من يكون والده للمرة الأولى، إذ أخبرته والدته أن تشي غيفارا هو والده، من علاقة خارج الزواج جمعت بينهما.
وكان أول من أذاع السر للعامة هو الكاتب المكسيكي خورخي كاستانيدو، لأن أسرة غيفارا رفضت الاعتراف بعمر، ولم ترض الحكومة الكوبية الكشف عن ذلك السر الخاص بمناضلها الراحل.
ولم تعترف به سوى هيلدا ابنة غيفارا الكبرى من زوجته الأولى، إذ تزوج ثلاث مرات، وله 5 أبناء.
ما سر اسم عمر؟
حكى عمر للكاتب الصحفي الأميركي رون ريديمور، والذي التقاه قبل بضع سنوات للعمل معه في ترجمة بعض الأعمال، قصة اسمه الغريب الذي أطلقته والدته عليه.
وأوضح أن والده أهدى إليها في بداية قصة حبهما، نسخة مترجمة من ديوان الرباعيات للشاعر الفارسي الشهير عمر الخيام.
وكتب الصحفي ريديمور قائلاً:
ذهبت إلى منزل عمر، فلم أجد جرساً عند الباب، فناديت اسمه بصوت عالٍ، وهذا أمر ليس بغريب في كوبا.
خرج لي رجل أبيض، متوسط الطول، ذو شعر طويل يلامس كتفيه، وعينين تلمعان بالود للغرباء، كان هناك شيئاً مغناطيسياً جاذباً في هذا الرجل الذي يعيش في منزل فقير بحي فقير.
يقول الكاتب الأميركي، إن عمر ليس ماركسياً.. “لكنه يملك فكراً ثائراً بالضرورة، إذ يرى أن التعليم ليس هو الأساس في الثورة، وإنما الوعي سواء كان الشخص متعلماً أم لا”، وهي مقولة ماركسية.
ويواصل الصحفي الأميركي قائلاً، إن زيارته لابن غيفارا، كانت بغرض التعاون في عمل يقوم على الترجمة، ويوضح، لكننا تحدثنا طويلاً وقادنا الحوار لأمور شخصية، لاحظت أن عمر كلمني فقط عن والدته لِيلي روزا لوبيز مذيعة الراديو الكوبية المعروفة، لكنه لم يشر إلى والده، فسألته عنه ليفاجئني بأن والده هو تشي غيفارا.
عمر يخجل من والده
يشير ريديمور إلى أن عمر كان يخجل من الحديث عن والده، حتى أن زميلته في العمل لم تكن تعلم من هو والده.
لم يعرف عمر أن والده هو تشي غيفارا إلا في العام 1989، ويقول لمجلة “جاكيت” الأدبية عن تلك اللحظة، عندما كنت في الخامسة والعشرين من عمري، كنت إنساناً مكتمل النضج، ثم اكتشفت أن والدي الحقيقي هو تشي غيفارا، تساءلت حينها: ماذا سأفعل بتلك المعلومة؟ وأنا كاتب وصحفي وشاعر ومترجم، هل ستغير من أمري شيئا؟ ماذا سأصبح؟ لم أكن أرغب أن أصبح شيئاً مختلفاً عما أنا عليه، فهذا ما أريد أن أكونه، أن أصبح شاعراً.
ويجيد عمر 4 لغات: الإسبانية والإنكليزية، والإيطالية والهولندية. وقد تخرج في جامعة هافانا العام 1987 في الأدب واللغة الإنكليزية، وعمل صحفياً في مجلات أدبية اجتماعية مثل (إلكايمان باربودا) و(لا نارانيا دولتشي).
وسافر عبر أوروبا وترجم وكتب وقرأ الشعر في الصالونات والتجمعات الأدبية، كما ترجم شكسبير وديلان توماس إلى الإسبانية.
وهو على العكس من والده، لا يرفض الحياة الروحانية، واختار البوذية دينا، ونظراً لوصوله إلى درجة كبيرة من لهذه الديانة تم تعميده كراهب.
وليس مهتماً بالسياسة
ورغم أن والده عرف بالثائر دوماً، فإن عمر لا يرى نفسه مسيساً، كما يعتقد أن الثورة الكوبية انتهت، لأن الثورة بطبيعتها لا بد أن تكون قصيرة العمر جداً؛ لأنها تمثل لحظة خاطفة في تاريخ البشرية.
المصدر : هاف بوست عربي