أثار التعديل الذي أقره برلمان نظام الأسد على قانون الأحوال الشخصية جدلا كبيرا في الأوساط السورية، ففي حين طالب البعض بتعديلات أكبر للوصول إلى أحوال شخصية مدنية بعيدا عن التشريعات الإسلامية، كما تخوف آخرون من مخالفة التعديلات الجديدة للشريعة الإسلامية، حيث جرى تعديل 71 مادة ركزت بشكل أساسي على قضايا تخص المرأة والطفل، حيث عالج القانون المعدل بحسب المشرعين قضية التمييز ضد المرأة وسهّل بعض الإجراءات القانونية القضائية بما في ذلك معالجة السبب الرئيس للزواج العرفي الأمر الذي قُرأ أنه محاولة لتحسين صورة النظام عبر محاولة تحسين صورة النساء في سوريا.
استضافت حلقة برنامج (في العمق) الأستاذة صباح الحلاق الناشطة في مجال حقوق المرأة والأستاذة شيماء البوطي رئيسة تجمع سنا لدعم المرأة والأستاذ غزوان قرنفل رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار، واستعرض تقرير بث بداية الحلقة أهم تعديلات القانون الجديد.
ورأت شيماء البوطي من وجهة نظرها أن التعديلات بعيدة عن المنطق وعن الأعراف الاجتماعية المتعارف عليها في سوريا وأنه يجب التركيز على تماسك الأسرة وعلى المساواة بين الرجل والمرأة والتكامل بين الذكر والأنثى، معتبرة أن هذا الأمر جيد للمجتمع بشكل عام إلا أن النظام أتى بهذه الخطوة المتأخرة للتغطية على جرائمه.
وأجرى مراسلو وطن إف إم مقابلات مسجلة مع نساء متزوجات وغير متزوجات داخل سوريا عن رأيهن بالتعديلات الجديدة على قانون الأحوال الشخصية، غالبية المستطلع رأيهن رحبوا بهذه التعديلات وخاصة فيما يتعلق برفع سن الزواج، كما رأته بعضهن منصفاً لأن غالبية المواد في القانون مستمدة من الشريعة الإسلامية، في حين عبر البعض عن عدم رضاهم عن هذه التعديلات معتبرين إنها يجب أن تكون مستمدة ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
ورأت الناشطة في حقوق المرأة صباح حلاق أن هذه التعديلات كانت مطلوبة منذ زمان من ناشطي وناشطات وربما من منظمات مجتمع مدني في سوريا، وقللت من أهمية هذه التعديلات كون الجهة التي أجرت التعديلات تستخدمها لأغراض سياسية كما وقفت على مبدأ القوامة والولاية التي تأتي فقط بعض موت جميع أقارب الرجل ليكون أحد أقاربه وليا للمرأة، كذلك الزواج في سن ال 15 إذا رأى القاضي أن جسديهما ذو بنية جيدة، بالإضافة إلى قضية الانفصال الذي تطلبه المرأة في حال تزوج زوجها من ثانية أي أن القانون لا يمنع زواج الثانية، معتبرة أن المشكلة أن القانون والتعديلات موضوعة من منظور ذكوري ومنظور ديني.
فيما رأى الحقوقي غزوان قرنفل أن التعديل يجب أن يُعدل من جذوره لأن قانون الأحوال الشخصية في الدستور السوري مستمد من الفقه الإسلامي وليس من الشريعة الإسلامية، كما رأي أن علاج أساس المشكلة وليس أفرعها، أي أن المنظومة القانونية يجب أن تبنى كلها بشكل صحيح، معتبراً أنها غير كافية، كون المرأة ما زالت تحتاج إلى ولي ولو بلغ سنها 40 معتبرا أنه انتقاص للمرأة وانتهاكا لحقوقها، كما اتفق غزوان مع ضيوف الحلقة بأن هذا لا يعتبر إنجازا لنظام الأسد وإنما خطوة صغيرة غير كافية في إعادة النظر في قسم كبير من القوانين، وذكر قرنفل أن الجهة التي أجرت التعديل ليست مهمة كون نظام الأسد لم يحترم الدستور بالمجمل واعتبر التعديلات غير كافية.